بسبب تغيرات المناخ وإهمال قواعد الأمن الصناعي| الصيف.. موسم الحرائق!

صورة موضوعية
صورة موضوعية

■ كتبت: علا نافع

مع حلول فصل الصيف تتجدد المخاوف من اندلاع الحرائق المتكررة التى تلتهم المبانى والمحلات التجارية وأسطح المنازل وقد تسبب خسائر فى الأرواح، وتكلف الدولة خسائر مادية كبيرة وتسبب تلفيات قد تطول مدة تصليحها لشهور وربما لسنوات.

طبقا للتقرير السنوى للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن مؤشرات عدد الحرائق فى مصر وأسبابها بلغ عددها خلال العام الماضى حوالى 45435 حادثة، وتختلف الأسباب التى عادة ما تكون نتيجة الحرائق العارضة يليها الإهمال فضلا عن التقلبات المناخية المصاحبة لفصل الصيف، ومخالفة اتباع قواعد الأمن الصناعى، وكذلك الماس الكهربائى الذى يطال العديد من المبانى لضيق الطرق وصعوبة وصول عربات المطافئ لها.

ولعل هذا ما دفع مؤخرًا النائب هشام حسين، أمين سر لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب، لسؤال رئيس مجلس الوزراء ووزير التنمية المحلية بشأن الاستعدادات للحماية من الحرائق مع ارتفاع درجات الحرارة بالصيف خاصة بالأسواق المكتظة بالمحلات والبضائع كسوقى العتبة والموسكى.

◄ حوادث متفرقة 
ومن أشهر سلسلة الحرائق التى وقعت مؤخرا الانفجار الذى هز منطقة الخصوص بمحافظة القليوبية نتيجة تسرب مواد بترولية لنفق الصرف الصحى وتسبب فى ذعر كبير للسكان إضافة إلى التلفيات والتدمير الجسيم لبعض المبانى المحيطة بالمبنى، وكذلك الحريق الذى شب فى استوديو الأهرام وطال عشرة عقارات مجاورة، وتوصلت تحريات المباحث إلى إهمال موظف الكهرباء وعدم إغلاقه مفتاح الكهرباء العمومى ليلة الحريق.

أما حريق الباخرة النيلية «أمريكانا» الموجودة بشارع النيل فى الجيزة فكان سببه أعمال التجديد بطابقها الثانى فنشب الحريق من التكييف، وامتد سريعا للطابق الثالث ونتج عنه احتراق الطابقين بالكامل، قبل أن يتم إخماده بعد الدفع بسبع سيارات إطفاء من الحماية المدنية وثلاثة لانشات إنقاذ نهرى، إضافة إلى لانش إطفاء كبير واستمرت عملية الإطفاء ما يزيد على ثلاث ساعات.

ولم تسلم الأراضى الزراعية من الحرائق، فقد نشب حريق هائل فى مزرعة مانجو مساحتها 5 أفدنة بإحدى المناطق بالإسماعيلية فالتهم بعض الزراعات والهيش بالأرض ناهيك عن مخلفات زراعية تم تدويرها بتلك المنطقة دون خسائر فى الأرواح ولا خسائر مادية، وبعد تلك الواقعة بأيام نشب حريق هائل فى كومة قش بأرض زراعية فى إحدى قرى مركز منيا القمح بالشرقية نتيجة ارتفاع درجات الحرارة ما تم الدفع بسيارات إطفاء تمكنت من السيطرة على الحريق وإخماد النيران دون إصابات أو خسائر بالأرواح.

وبالطبع فإن الأسواق القديمة والمكتظة بحركة المارة تكون أكثر عرضة لتلك الحرائق، وكان آخرها الحريق الهائل الذى نشب فى سوق الخردة بطريق العصلوجى بالزقازيق فى محافظة الشرقية، حيث اندلعت النيران فى «نصبة شاى» فى البداية ثم امتدت إلى السوق، ولم تقع أى خسائر بشرية أو حالات اختناق وتم الدفع بأكثر من ثمانى عربات إطفاء للسيطرة على الحريق وإخماده.

◄ اقرأ أيضًا | خاص| خبيرة فلك تكشف عن الأبراج المحبة لفصل الصيف

ومن المعروف أن منطقتى العتبة والموسكى هى الأكثر تعرضًا لخطر الحرائق كل عام نظرا لعدم وجود تراخيص لأغلب المحلات، إضافة إلى عدم اتباعها إجراءات السلامة المهنية والأمان، واعتمادها على التوصيلات الكهربائية المغشوشة، ما يزيد خطر حدوث ماس كهربائى من آن لآخر.

◄ تقلبات الطقس 
وعن أسباب ازدياد الحرائق بفصل الصيف يقول اللواء هشام صادق، المدير السابق للإدارة العامة للحماية المدنية بالجيزة: بمجرد دخول فصل الصيف يزداد معدل انتشار الحرائق بسبب تقلبات الطقس وارتفاع درجات الحرارة، حيث تؤثر فى الكابلات الكهربائية ومواسيرها، ما يعرضها للتآكل فيحدث الماس الكهربى بشكل كبير ناهيك عن زيادة حجم الأحمال على الكابلات الموجودة فى المبانى دون الأخذ فى الاعتبار قدرتها على التحمل أو أحجامها، مشيرا إلى أن الكثير من الأماكن والمحلات تغفل عن وضع كابلات كهربية مطابقة لمعايير الأمان والمواصفات فتلجأ للكابلات المغشوشة والمقلدة لرخص سعرها مما يؤدى لحدوث انفجارات وكوارث مفاجئة قد تسبب خسائر فى الأرواح والمبانى.

كما أن أصحاب المحلات والمبانى لا يهتمون بفحص تلك الكابلات أو مواسيرها للتأكد من سلامتها وعدم تآكلها أو وجود شروخ بداخلها لعلاجها سريعا، فضلا عن عدم وجود طفايات حرائق داخل المنازل أو المنشآت لسرعة التعامل مع الحريق فى البداية وقبل وصول عربات المطافى مما يقلل من حجم الخسائر بعد ذلك، منوها إلى أنه فى حال حدوث حريق لابد من فصل التيار الكهربى فور حدوثه لعدم امتداده للمبانى المجاورة أو زيادة مداه.

ويطالب صادق بضرورة تدريب العمال على كيفية مواجهة الحرائق مع الصيانة الدورية لأجهزة الإطفاء والكابلات الكهربية وأسلاكها الداخلية، ناهيك عن ضرورة التخلص من المخلفات المنزلية والكراكيب المهملة فى الأماكن المخصصة لها.

◄ الصيانة الدورية
أما شوقى عبد الكريم خبير إدارة الأزمات فيقول: تكرار حدوث الحرائق سببه الأول ارتفاع درجات الحرارة إضافة إلى تكديس المحلات والغرف المغلقة بالكثير من الأغراض القابلة للاشتعال مع عدم مراعاة وجود مسافة كافية بينها لاتقل عن النصف متر، كذلك إهمال تهوية المصنع أو المحال من آن لآخر، والكارثة أن الأغلبية يقومون بتخزين مواد قابلة للاشتعال السريع مثل البنزين والكحول، موضحا ضرورة تطبيق المواصفات الفنية اللازمة فى حال إنشاء المبانى والشقق السكنية مع عمل صيانة دورية على كابلات الكهرباء والمواسير لعلاجها أولا بأول. 

ويرى أن الحماية المدنية عليها دور كبير فى تطبيق الكود المصرى لأسس التصميم واشتراطات التنفيذ لحماية المنشآت من الحريق وذلك للتأكد من تنفيذه بصورة صحيحة ومعرفة كيفية حماية المنشأة من الحريق سواء أكانت مدرسة أو محلا تجاريا أو مخازن، والأهم طريقة التصدى للحريق قبل وصول القوات الأمنية لمكان الحريق، مشيرا إلى أن رجال الحماية المدنية يقومون بعمل كود للحماية المدنية يتوافق مع طبيعة عمل المنشأة ومكان تواجدها لاختيار نظام الإطفاء المناسب لها.

◄ عقوبة صارمة
وفيما يتعلق بعقوبات مخالفة الأمن الصناعى يقول محمود سعيد، مشرف أمن صناعى: يغفل الكثير من أصحاب المحلات والمبانى السكنية عن تركيب أجهزة إنذار ضد الحرائق والاستعانة بطفايات الحرائق على الرغم من استهلاك الكثير من الأجهزة الكهربية التى تسبب ضغطا كبيرا على أسلاك الكهرباء إضافة إلى المخازن التى تفتقر لاحتياطات الأمن لذا فإن تعديلات قانون العمل الجديد رقم 12 لسنة 2023 أقر عقوبات تصل للحبس والغرامة 20 ألف جنيه لمن يخالف أحكام القانون بشأن السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل.

ويضيف: ونصت المادة 256 من القانون على أن يعاقب كل من يخالف أحكام الكتاب الخامس بشأن السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، مشيرا إلى أن تلك الأخطار هى ناتجة سواء عن آلات وأدوات العمل أو أعمال التشييد والبناء والسقوط.

وكانت منظمة السلامة والأمان العالمية وضعت روشتة لتجنب الحرائق بالصيف وأهمها ضرورة وجود فتحات تهوية بالمنازل أو المخازن الموجود بها مواد قابلة للاشتعال، مع ضرورة الصيانة الدورية للأجهزة الكهربية، ومراقبة أجهزة التسخين أثناء التشغيل، والأهم عدم التدخين فى المنزل وإلقاء أعقاب السجائر من النافذة، ناهيك عن تجنب تشغيل أكثر من جهاز على مشترك واحد.