نصابون يلبسون طاقية «الطاقة»| يزعمون خبرتهم في علم الطاقة والروحانيات

صورة موضوعية
صورة موضوعية

«اكتشف قدراتك.. ارتق بروحك.. اجذب شريك حياتك».. عبارات استطاع الكثير ممن يطلقون على أنفسهم خبراء فى علم الطاقة، أن يجذبوا من خلالها الكثيرين لتحقيق أقصى استفادة مادية من ورائهم دون النظر لما يحدثونه من كوارث وجرائم فى حق البشرية.. وجاءت مؤخرا حادثة قتل أم لابنتها الصغيرة لتثير التساؤلات حول علم الطاقة، وذلك بعدما أخبرت السيدة فى التحقيقات أنها خبيرة فى الطاقة والروحانيات، زاعمة أنها تلقت إيحاءً بارتكاب الجريمة، فضلا عن أنها حاولت إنهاء حياتها تنفيذًا لأوامر هذا الإيحاء، وذكرت أن ما تفعله ليس أفكارًا متطرفة وإنما هو علاج بالطاقة!

ليست هذه الحادثة الأولى التى جرى ارتكابها بسبب هذه الأساليب التى تبيع الوهم والوساوس، وإنما توجد كوارث أخرى يرويها أصحابها، وتستعرض «آخر ساعة» بعضا منها مع توضيح رأى المختصين فى مفهوم علم الطاقة وإمكانية استخدامه من عدمه، مع استطلاع آراء رجال الدين فى مثل هذه الأمور.. تقول السيدة «أ. د» فى الأربعينيات من العمر: قصتى تعود إلى عام 2007 عندما تعرفت على معالج يدعى أنه يعمل فى مركز للدراسات ما وراء الطبيعة فى أمريكا، وبعد مدة من التواصل معه، كشف لى أننى وُلدت بقدرات هائلة وأننى أستطيع التعامل مع المشاعر والأحاسيس بشكل مباشر، دون الحاجة لقراءة تعابير الوجه أو الصوت.

◄ التأثيرات

بدأت تظهر تأثيرات هذه القدرات فى حياتى، فأصبحت شديدة التخبط وكثيرة التهرب من الاجتماعات، كما بدأت أشعر بمشاعر وأفكار الآخرين بشكل مكثف، مما انعكس سلباً على حياتى اليومية، ورغم محاولات المعالج لمساعدتى فى قبول وتنظيم قدراتى، فإننى رفضت ذلك بشدة وحاولت المقاومة.. وتغيرت شخصيتى إلى الأسوأ، وأصبحت عدوانية وسليطة اللسان، كما بدأت أشعر بالتعب والإجهاد وأصبحت كثيرة النسيان، دون أن أدرى السبب الحقيقى وراء كل ذلك.. فى النهاية، قررت أن أبعد عن كل ذلك والعودة إلى حياتى الطبيعية، رغم تحذيرات المعالج بأنها ستبقى فى تخبط طوال حياتها إذا لم تتقبل قدراتها، وتعلمت من هذه التجربة أهمية القبول والتسامح مع نفسى ومع ما يجول بخاطرى، وأن القوة ليست فى المقاومة بل فى القبول والتأقلم مع التحديات التى قد تواجهنا فى الحياة.

◄ حلم الثراء

كانت فاطمة تسعى وراء حلم الثراء معتقدة أن علم الطاقة سيكون السبيل لتحقيق ذلك، وبدأت قصتها عندما حضرت ورشة عمل تحدث فيها خبير عن كيفية تحويل الطاقة الإيجابية إلى ثروة مادية، انبهرت بالفكرة وقررت الاشتراك فى الجلسات الأسبوعية التى كان يقدمها هذا الخبير.

أنفقت فاطمة مبالغ طائلة على جلسات التأمل والتوجيه الروحي، وكانت تشترى الأدوات التى ينصح بها الخبير مثل الأحجار الكريمة والشموع الخاصة والزيوت العطرية. كانت تشعر ببعض التحسن المؤقت بعد كل جلسة، حيث كانت تعتقد أن حياتها تتجه نحو الأفضل وأنها على وشك تحقيق الثروة، لكن بعد مرور عدة أشهر، اكتشفت فاطمة أنها أنفقت الكثير من المال دون جدوى، وبدأت تقارن بين ما أنفقته على هذه الجلسات وما كان بإمكانها تحقيقه إذا استثمرت هذه الأموال بطرق أخرى، وأدركت حينها أنها لو فعلت ذلك لكانت حققت ثروة حقيقية.

◄ اقرأ أيضًا | الشاحنة تسلا تسايبر.. مقطورة بالطاقة الشمسية

◄ الطاقات والنصب

يتحدث المحاضر الدولى الدكتور عصام جمعة، خبير التنمية الذاتية والإدارية، عن علم الطاقة بأنه علم إطلاق الطاقات الكامنة فى جسم الإنسان، سواء أمور جسدية أو مناعة نفسية أو ذاكرة أى طاقة داخلية يمكن تطويرها وتنميتها بحيث يستفيد الإنسان من ذلك فى الحياة اليومية والعامة، وبالتالى يحقق النجاحات المطلوبة منه.

وأشار جمعة إلى أن هناك بعض المدعين الذين يستغلون علم الطاقة للنصب والكسب المادى، ولذا يجب أن يكون هناك وعى لدى المواطنين بهذه الطرق وتفاديها، والعلم بأن القاعدة الأولى التى يجب أن تكون أمامك دائما هى أن أى شئ يتعارض مع أمور الدين ليس له علاقة بعلم الطاقة، لأن علم الطاقة يتوافق جدا مع التعاليم الدينية، كما يجب سؤال الشخص المعالج عن الشهادات الرسمية التى توضح تخصصه، وعدم تنفيذ أى أمر غير عقلانى لأن علم الطاقة أيضا متوافق مع العقل البشرى، وذلك لأن أمور الدجل والشعوذة أصبح الجميع على وعى بضرورة تجنبها.

وأشار إلى الشباب أصبح لديهم هوس بما يعرف بـ"قانون الجذب" الذى يعد صحيحا فى حد ذاته، لكن الكتب والطرق المتوافرة فى هذا المجال غير صحيحة وبعيدة كل البعد عن التعاليم الدينية، وللأسف الشديد أصبح هناك متابعون بالملايين حول العام لمن يحاضر باسم قانون الجذب والطاقة الحيوية دون أن يعلموا بخطورة ما يقال من عبارات وأوهام. 

◄ التحليل

فيما يستنكر الدكتور إبراهيم عبد الرشيد، أستاذ التحليل النفسى بجامعة عين شمس، انسياق البعض وراء ما يسمى بالروحانيات وجذب الطاقة، معتبرًا أن ذلك يعد نوعًا من الدجل، ويرجع سبب انتشار مثل هذه الأوهام إلى بعد فكرة العلاج النفسى عن أذهان المصريين، مؤكدا أن التحليل النفسى يوفر الشفاء الحقيقى للمرضى إذا تم على يد طبيب مختص.

 

من جانبه، يقول الشيخ محمد النمر، واعظ وعضو لجنة فتوى بالأزهر الشريف، إن ما ظهر فى الآونة الأخيرة من العديد من المراكز العلاجية التى يدعى أصحابها وما يقدمونه بأنه يساعد فى تخفيف التوتر والعلاج النفسى والشفاء الروحى والجسدى، تحت مسمى «علم الطاقة»، ما هى إلا طقوس مخالفة للشريعة الإسلامية.