الغيطان «فرحانة» بموسم زراعة الأرز| أصناف جديدة توفر نصف الاستهلاك المائي

صورة موضوعية
صورة موضوعية

■ كتب: هانئ مباشر

تشهد الحقول فى مصر حالة من الفرح والسعادة مع بدايات موسم زراعة الأرز، وهذا المحصول ليس مجرد محصول غذائى فقط، بل أحد الحلول الاستراتيجية التى لجأت إليها الدولة لعلاج الكثير من الملفات الشائكة، التى كانت تستدعى الاعتماد على التخطيط العلمي السليم، لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من وحدة المياه، واستثمارها فى تنفيذ المزيد من الخطط القومية التنموية الجديدة، كما أنه إحدى الأدوات التى تم الاعتماد عليها فى تحقيق منظومة الأمن الغذائى.

◄ «أقلمة الأرز» لزراعته في الحرارة العالية والمياه القليلة

وزارة الموارد المائية والرى حددت المساحة التى سيتم زراعتها بمحصول الأرز خلال موسم الزراعات الصيفية العام الحالى ب 724 ألف فدان فى 9 محافظات فقط، بالإضافة لمساحة 200 ألف فدان من سلالات الأرز الموفرة للمياه مثل الأرز الجاف وغيرها، ومساحة 150 ألف فدان تُزرع على المياه ذات الملوحة المرتفعة نسبيا.

ويقول الدكتور محمد على فهيم، مستشار وزير الزراعة ورئيس مركز معلومات المناخ: إن من أهم العوامل التى تساعد على إنتاج محصول جيد من الأرز الزراعة فى الموعد المناسب خلال شهر مايو لمعظم الأصناف، وأول يونيو لأصناف السوبر واختيار الصنف الجيد وفير المحصول.

إن ‎الموعد المناسب لزراعة المشتل هو النصف الأول من شهر مايو والمساحة المطلوبة لكل فدان من 1.5 - 2 قيراط مشتل/فدان، وكمية التقاوى 50- 60 كيلو/فدان وتكفى لزراعة 2 قيراط.

◄ محصول هام

ويقول الدكتور خالد جاد وكيل معهد المحاصيل الحقلية بالمركز القومى للبحوث الزراعية: إن محصول الأرز فى مصر من المحاصيل الهامة، وحوالى 80-85% من سكان مصر بما يوازى تقريبا حوالى 90 مليون نسمة يبلغ المتوسط السنوى لاستهلاك الفرد فيهم حوالى 40 كجم أرزا أبيض، ولذا يكون الاستهلاك الكلى  للأرز حوالى 3٫6 مليون طن أرز أبيض بما يعادل 5٫8 الى 6٫0 مليون طن أرز شعير وهذا يوازى حجم سوق تجارى يوازى 1٫8 إلى 2 مليار دولار سنويا.

وقد وصل إجمالى حجم الإنتاج الكلي من الأرز العام الماضى حوالى تقريبا 6٫02 مليون طن أرز شعير مع متوسط إنتاجية 3٫7 طن/فدان بما يحقق الاكتفاء الذاتى، حيث تتنج مصر ما يكفيها ذاتيا من الأرز وعليه يتم تحديد مساحة الأرز بالاتفاق بين وزارتى الرى والزراعة على أساس المساحة التى تكفى لإنتاج ما يحقق الاكتفاء الذاتى من هذا المحصول بفضل الجدارة الإنتاجية العالية التى حققتها مصر حيث تحتل ما بين المرتبة الأولى والثانية بالتناوب سنويا مع بعض الدول التى تزرع مساحة صغيرة مثل أستراليا لا تتعدى 20 ألف هكتار.

ويعد الأرز من المحاصيل الغذائية والاستراتيجية والاقتصادية الهامة على المستوى العالمى حيث يحتل المرتبة الثالثة فى الكمية المنتجة بعد كل من الذرة والقمح، ويعتبر المحصول الغذائى الثانى فى مصر، ويتغذى عليه نحو ثلثى سكان العالم كوجبة رئيسية.

◄ اقرأ أيضًا | «الزراعة» تكشف تفاصيل هامة بشأن محصول الأرز| خاص

◄ خريطة الزراعة

وتم تحديد المساحة والأماكن المسموح بها لزراعة الأرز هذا الموسم فى محافظات تسع تقع بشمال الدلتا وهى: «كفر الشيخ والدقهلية والبحيرة والغربية والشرقية» كمحافظات رئيسية كما تمت زراعته فى محافظات ساحلية وهى «الإسكندرية ودمياط وبورسعيد والإسماعيلية» بالأصناف المتحملة للملوحة فى المناطق، وحرمت زراعته فى باقى المحافظات بما يتماشى مع سياسة توفير المياه.

بالإضافة إلى أن الأرز هو محصول إصلاحي، حيث إنه نتيجة لزراعته يتم التخلص من الأملاح الزائدة فى التربة، وهذا أيضا يوضح أهمية زراعة الأرز فى شمال الدلتا حيث يمنع تصحر وتملح التربة ويحافظ عليها فى أعلى درجات الجودة والخصوبة ويصونها من التدهور ولذا يجب أن يضاف ذلك إلى أهمية زراعة الأرز فى مصر.

وتخصم كميات المياه التى تستخدم فى غسيل وإصلاح الأراضى المتأثرة بالأملاح فى مصر من مقننه المائى والتى يظلم فيها الأرز ويتهم أنه يستهلك كميات كبيرة من المياه وهو على العكس من ذلك تماما بفضل إنتاج وتطوير أصناف جديدة قصيرة العمر (115-135 يوما من البذرة للبذرة) عالية المحصول تتحمل الإجهادات البيئية بما فيها تطويل فترات الرى واستخدام مياه ذات ملوحة عالية والتغيرات المناخية يمكن زراعتها تحت طرق الرى الحديثة الذكية.

وبالمناسبة هذا العام وفى إطار «النشاط الإرشادى» للمزارعين تمت إقامة 500 حقل إرشادى للأرز فى كل المحافظات التى سيزرع فيها إضافة إلى 6 آلاف حقل إرشادى ضمن إطار مشروع ترشيد الرى والتسوية بالليزر، وتوجد قوافل إرشادية فى جميع المحافظات وتضم باحثين فى مجال زراعة الأرز والوقاية من أمراض النبات والحشائش..إلخ لتوعية المزارعين بأفضل الطرق والمعاملات الزراعية التى تجعلهم يحققون أعلى معدلات إنتاجية واستخدام أفضل البذور التى تتحمل التغيرات المناخية..إلخ.

◄ طفرة إنتاجية 

الدكتور بسيوني زايد، أستاذ الأرز وإدارته تحت ظروف الإجهادات البيئية وتغيرات المناخ بمعهد بحوث المحاصيل الحقلية بمركز البحوث الزراعية، يقول: إن هناك طفرة إنتاجية تحققت فى هذا المحصول حيث حققت مصر الاكتفاء الذاتى بهذا المحصول وعلى أعلى جدارة إنتاجية على مستوى العالم بفضل مجهودات علماء مركز البحوث الزراعية.

إن موسم زراعة الأرز فى مصر يبدأ فى نهاية شهر أبريل وينتهى مع نهاية سبتمبر وأوائل أكتوبر من كل عام، وقد تم الانتهاء فى الوقت الحالى من زراعة ما يقرب من 80 إلى 85% من المساحة المسموح بها.

◄ طرق الزراعة

ويزرع الأرز فى مصر بطريقتين رئيسيتين هما «الزراعة الشتل» و«الزراعة البدار»، والأخيرة أصبحت أكثر انتشارا، حيث إنها أقل تكلفة فى ظل ارتفاع تكاليف العمالة، وهناك طريقة الزراعة الجافة بذرة جافة فى أرض جافة، وقام قسم بحوث الأرز بمعهد بحوث المحاصيل الحقلى بإنتاج واستنباط عديد من الأصناف والتى تحقق الهدف الرئيسى، وهى أصناف قصيرة العمر عالية المحصول ذات إنتاجية وجودة عالية تتحمل الإجهادات البيئية والبيولوجية ومتوافقة مناخيا وتحقق مبدأ السياسة الصنفية.

إن الأرز الجاف الموفر للمياه يمكن أن يحقق إنتاجا اقتصاديا للمزارع باستخدام أفضل للمياه، ويتحمل طول فترة الرى، موضحا أن هذا يأتى فى ظل عزم الدولة المصرية للاستفادة من كل قطرة من مواردنا المائية الموجودة، ونحتاج لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من وحدتى الأرض والمياه.

ومن هذه الأصناف والتى توصف على أنها عالية التحمل للإجهادات البيئية مثل الملوحة سواء تربة أو مياها والجفاف والحرارة العالية والأمراض الفطرية والبكتيرية هذه الأصناف هى بالترتيب: «جيزة 183» و«جيزة 178» و«جيزة 179» و«هجين مصرى واحد» و«ياسمين مصرى» ثم «سخا سوبر 300» و«سخا 104» و«سخا 108» و«سخا 101» و«سخا 106» و«سخا 107»، ولا يتوقف قطار الإبداع واستنباط أصناف جديدة تتوافق مع الأهداف الاستراتيجية الموضوعة على كل المستويات سواء سياسية او اقتصادية أو تنموية أو علمية، حيث سوف يتم تسمية أكثر من ثلاثة أصناف جديدة إن شاء الله فى غضون العامين المقبلين.

◄ «أقلمة» الأرز 

ورغم ما يواجه الأرز من تحديات على رأسها شح المياه والتغيرات المناخية خصوصًا درجات الحرارة العالية التي وصلت إلى حد الاحترار والتى تؤثر فى كل من الإنتاجية والزراعة وزيادة الاستهلاك المائى، إلا أن الأصناف التى تمت زراعتها هذا الموسم والتوصيات الفنية التى تم تطويرها، تزيد من أقلمة الأرز تحت هذه الظروف، وتحقق سياسة التخفيف المناخى ويتم نشره بين جموع مزارعى الأرز فى أنحاء الجمهورية، وذلك عن طريق برامج نقل التكنولوجيا والوسائل الإرشادية المختلفة مثل قوافل مركز البحوث الزراعية الإرشادية والدورات التدريبية والحقول الإرشادية والإرشاد الرقمى والبرامج التلفزيونية مثل قناة «مصر الزراعية»، بل وحتى وسائل التواصل الاجتماعى بتكوين روابط على موقع «فيسبوك» مثل «رابطة مزارعى الأرز».