«بنت الأصول» قصة قصيرة للكاتبة سهام الزعيري

الكاتبة سهام الزعيري
الكاتبة سهام الزعيري

جلست أرزاق مبكرا في استراحة الكشف بالمستشفى تتابع شهريا لاستلام الدواء.

جعلت تسبح ربها وسط ضجيج الناس..هز وجدانها تلك الثلاثينية الحسناء التي يبدو عليها الأناقة وقد أحرقت الدموع خديها، احمر وجهها من حرقة الألم، نظرت لها أرزاق بضعة دقائق، ثم اقتربت منها، ربتت على كتفيها، وسألتها بلطف: ماذا بك يا حبيبيتي؟

نظرت الفتاة بانكسار لأرزاق ولم تجبها..

لاحقتها أرزاق بالأسئلة وقلبها ينفطر شيئا فشيئا حتى سالت دموعها

سألتها بصوت حنون: هل مات لك عزيز؟

رق قلب الفتاة، تنهدت، وصمتت قليلا، ثم أجابتها:

- تزوجت رجلا طيبا، عشت بين أهله وكنت في العشرين وقتذاك .. كانت لدى أحلام وأحلام مثل كل البنات، لكن الواقع أجهز على أحلامي وخنق روحي

- كيف؟! اعتبريني أختك، فضفضي

قالت الفتاة: زوجي أخر العنقود .ترك أهله يتحكمون بي ويهينوني، وهو واقف في حيرة من أمره! ذهبت إلى بيت عائلتي كثيرا ويردونني إليه أهلي بدعوى أن بنات الأصول لا يتركن بيوتهن، ويصبرن، والصبر مر .آآه....! لقد فاض الصبر بعد أن فقدت حيويتي وصحتي وأعصابي، فقد أخبرني الطبيب بأن لدي هشاشة في العظام، .أتدري لماذا !

- ردت أرزاق بلهفة وحرقة: لماذا؟

لقد حملت ثلاث مرات دون أن أحصل على التغذية الكافية لي ولجنيني. كنت أمكث بالمستشفى في أخر شهور حملي لظروف الصحية، كان زوجي يزورني كل يوم ويأكل الوجبة التي تصرفها المستشفى، كنت أفرح بوجوده، فهو شريك حياتي، والآن أصابتني هشاشة العظام، أهملني وأعرض عني.

 

سرحت أرزاق قليلا، وانهمرت دموعها حتى غابت رؤاها.. تحركت برفق صوب الحسناء، ضمتها بحنان وهمست في أذنها بأسى .أنا أحضن نفسي.