«مداح القمر» قصة قصيرة للكاتب محمد جميز

الكاتب محمد جميز
الكاتب محمد جميز

كان يستظل بسمائها، فتح الباب لقلبه، كانت تمشط ما تبقى من أحلام قديمة، أمسك قلبه القلم وخط أولى حروف الحكاية، والسماء من بعيد تراقب المشهد وتبكي.

أخبرها أن الأغنيات القديمة لم تعد صالحة لترميم الوجع، كان ينقب في الشوارع عن أبجدية جديدة تسرد ما حل به وهو يعبر بحر الظلمات..

همست له عاتبة: أنا أبجديتك وأغنيتك..

ضمها إلى قلبه، وانتزع من بستان أمه وردة وأهداها إياها، حدق في عينيها طويلا ثم قال:

هذا بستان أمي، أغلقته منذ وفاتها، ولأجلك أزلت عن ناصيته الحداد.

تسمع السماء مناجاتهما، تقذف قلبه الذي يدون فصول الحكاية ببعض النجمات عله يفيق، لا ينتبه القلب، وفحيح الأغنية الجديدة يرش البستان بالعفن.

 

هل تعرف متى يشيخ القلب؟ هل رأيت من قبل قلبا عجوزا يستند إلى قمر كي يساعده على المسير؟ قلبه استحال إلى صحراء قاحلة، والصحراء كانت ملاذا آمنا لمصاصي الدماء..

 

افتقدوه بعد مواسم من الغياب، اقتحموا غرقته، كانت قهوته ما تزال ساخنة، وأوراق قلبه مبعثرة على أديم الغرفة، وعبد الحليم حافظ يشدو بأغنيته الخالدة " مداح القمر" ، والدماء الغزيرة تتساقط من سقف الغرفة، الدماء تغزل حروفا متشابكة، الحروف تنطق: هل رأيت من قبل قلبا عجوزا يستند إلى قمر كي يساعده على المسير؟!

اقرا ايضا | «نغم».. قصة قصيرة للكاتب محمد جميز