د. حسن أبو طالب يكتب: حياة كريمة.. ودعم المفرج عنهم

د. حسن أبو طالب
د. حسن أبو طالب

 في ظل التحديات التي تواجه الأفراد الذين يُفرج عنهم من السجون المصرية، تتبنى الحكومة المصرية سلسلة من المبادرات والبرامج الهادفة لدعمهم نحو إعادة الاندماج في المجتمع وتوفير فرص حقيقية للعيش بكرامة وتعزيز التنمية الشخصية والمهنية. فمن الضروري للمجتمع توفير بيئة ملائمة تمكن هؤلاء الأفراد من بناء حياة جديدة بعيداً عن الجريمة والانحراف، وذلك من خلال تقديم الدعم اللازم وتشجيعهم على الالتزام بالحلال والابتعاد عن الإجرام.
منذ فترة، شهدت مصر زيادة ملحوظة في بناء وتطوير الطرق والكباري والبنية التحتية، مما أدى إلى فتح فرص استثمارية كبيرة في المناطق المحيطة بهذه البنية. فتحت هذه الكباري، نشأت محلات تجارية ومشروعات متعددة، وهو تطور إيجابي يعكس نمواً اقتصادياً واهتماماً بتطوير البنى التحتية.
مع هذا التطور، تتجلى الحاجة الماسة إلى التفكير في طرق مبتكرة لدعم فئات المجتمع الأكثر احتياجاً، ومنهم المحكومين المفرج عنهم. إذا نظرنا إلى هذه الفئة من المجتمع، نجد أنهم بحاجة إلى دعم لبدء حياة قويمة بعد قضاء العقوبة بالسجن، وتوفير فرص عمل مستدامة تمكنهم من الاندماج بشكل إيجابي في المجتمع.
لذا، يتساءل كاتب هذه السطور: لماذا لا تفكر الحكومة المصرية في اتخاذ خطوة إيجابية لدعم هذه الفئة، من خلال تخصيص نسبة معينة من المحلات التجارية والمشروعات تحت الكباري للمحكومين المفرج عنهم بعد انتهاء فترة حبسهم. يمكن تحديد نسبة مثل 10% من هذه المحلات والمشروعات لتكون مخصصة لهذه الفئة، حيث يمكنهم الاستفادة منها لبدء مشاريعهم الخاصة أو لتأجيرها والحصول على دخل ثابت.
ربما تصبح مبادرة حياة كريمة الرئاسية نقطة الانطلاق نحو تحقيق هكذا خطوة بما تمثله من أهمية كبيرة، حيث يمكن أن تمتد أنشطة المبادرة لتساهم في تعزيز فرص الاندماج الاجتماعي والاقتصادي للمحكومين المفرج عنهم، وتمكنهم من البدء في "حياة كريمة" بشكل أكثر استقراراً وكرامة. كما أنها يمكن أن تساهم في تعزيز الاستثمار والتنمية المستدامة في البلاد، من خلال الاستفادة الكاملة من القدرات والمواهب لجميع شرائح المجتمع.
فمما لا شك فيه أن الاهتمام بفئات المجتمع الأكثر احتياجاً يعكس رؤية حكيمة ومستقبلية من الحكومة، ويعزز مسيرة التنمية المستدامة وبناء مجتمع أكثر عدالة واستقراراً. لذلك أتمنى أن نرى بروتوكول تعاون بين وزارة الداخلية المصرية - ممثلة في مصلحة السجون من جانب، وبين القائمين على مبادرة حياة كريمة من جانب آخر، من أجل إطلاق برنامج شامل لدعم المحكومين المفرج عنهم، يهدف إلى تقديم مجموعة متنوعة من الخدمات والفرص لهم ليتمكنوا من العودة إلى المجتمع بشكل فعّال ومستدام على أن يضم هذا البرنامج مجموعة من الخدمات للمحكومين المفرج عنهم مثل: التدريب والتأهيل المهني ، تقديم الدعم المالي والفني للذين يرغبون في بدء مشاريعهم الخاصة، توفير فرص التعليم والتعلم الدائم، تقديم المساعدات المالية والمعونات الاجتماعية للأسر التي ينتمي إليها المحكومون المفرج عنهم.
يتطلع بنو وطني إلى تحقيق نتائج إيجابية من خلال هكذا مبادرات، حيث يعد دعم المحكومين المفرج عنهم جزءًا أساسيًا من جهود المجتمع لتعزيز العدالة الاجتماعية وبناء مجتمع أكثر استقرارًا وتماسكًا وأمنًا.