عاجل

أوراق شخصية

حتى «أبو الهول» شخصياً!

آمال عثمان
آمال عثمان

هناك حكمة إلهية فى عدم ذكر أسماء الملوك الذين عاصروا أنبياء الله على أرض مصر، وباعث لإغفال شخصيات القصص القرآنية، لا يعلمه سوى الخالق سبحانه وتعالى، وباستثناء قصة سيدنا عيسى وأمه مريم ابنة عمران، المعجزة الإلهية، فإن القرآن الكريم لم يستحضر أسماء الشخصيات، وإنما اكتفى بلقب أو صفة، فلم تبين الآيات من هم أهل الكهف، ولم تكشف شخصية «صاحب الجنتين»، أو «العبد الصالح» الذى علّم موسى، ولم تحدد من «ذو القرنين» الذي أثنى الله على عدله، وما إذا كان نبياً أو ملاكاً أو أحد ملوك الأرض.

كما لم يحدد القرآن من فرعون موسى، أو ملك مصر «صاحب الحلم» الذى جعل النبى يوسف أميناً على خزائن الأرض، ومن هم آل فرعون الذين فلق الله بهم البحر وأغرقهم وجنودهم، ولو أراد الله تعالى أن يكشف لعباده تلك الشخصيات، لذكر أسماءهم فى مُحكم آياته، وحدّد التوقيتات التى جرت فيها تلك الأحداث بكل وضوح ودون أدنى التباس أو غموض، لذلك أتعجب حقاً من الضجة التى افتعلها الإسرائيليون، وانساق وراءهم فقهاء وعلماء الدين، حول تصريحات عالم المصريات د.زاهى حواس المتعلقة بعدم وجود دليل علمى أو أثرى على خروج النبى موسي من مصر.

 فبحسب نص آيات القرآن الكريم، الآية 137 من سورة الأعراف، يقول الله تعالى: (ودَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ)، وهذا دليل واضح لا يدع مجالاً للشك على عدم وجود أثر قائم لفرعون موسى وقومه، لذلك ليس غريباً ألا يعثر علماء المصريات طوال عقود على آثار أو نصوص لما ذكر فى القرآن الكريم عن قصة النبى موسى وفرعون. 

لكن المدهش حقاً تلك الاجتهادات التى تحاول الربط بين ما جاء فى الكتب السماوية، وبين الاكتشافات والمعلومات الأثرية، والمساعى الحثيثة ليس من بعض الأثريين والهواة فحسب، بل أيضاً من الفقهاء الذين دأبوا على توثيق الحقبة الزمنية لتواجد الأنبياء فى مصر القديمة، حتى وصل الأمر إلى الربط بين الأنبياء و«أبو الهول» شخصياً!! وهذا ما يرفضه علماء المصريات، لأنها مجرد تخمينات واستنتاجات لا تمتّ للعلم أو التاريخ بصِلة من قريب أو بعيد، فالآثار ليست من علوم الدين، وإنما من العلوم الإنسانية الوضعية، التى تقبل التشكيك والتفنيد والجدل والتكذيب أحياناً!!