آمال فؤاد
مهما تنوعت دوافع المتهمين من الآباء والأمهات في قتلهم لأبنائهم الصغار بين أسباب نفسية أو خلافات أسرية؛ فنحن أمام جرائم فاقت كل الحدود،أزهقت فيها أرواح أطفال أبرياء لا ذنب لهم على يد من انتزعت من قلوبهم الرحمة وتجردوا من الإنسانية؛ فهنا جدة تحجر قلبها وبكلتا يديها قتلت حفيديها لكثرة بكائهما وإزعاجها، تناست المثل الشعبي الذي يقول «أعز الولد ولد الولد»،وأب انتزع قلبه من بين ضلوعه وقتل طفلته 6سنوات، بحجة انه كان يؤدبها على شقاوتها، وأب ثالث يخنق رضيعته بيديه لأنها تبكي؛ الجرائم الثلاث جميعها دارت احداثها في أسبوع، هنا السؤال يطرح نفسه؛ ما الأسباب التي تدفع الأهل لارتكاب هذه الجريمة الشنعاء في حق أبنائهم؟ وما هو تحليل الطب النفسي لها؟!
جريمة قتل اوجعت قلوب سكان البناية والشارع بمنطقة الطالبية بالجيزة؛ جريمة عكس المثل الدارج الذي يقول، «اعز الولد ولد الولد» فالجدة لديها ارتباط عاطفي وحب لأحفادها ربما أكثر من ارتباط الآباء بأبنائهم لانشغالهم بالعمل، لكن في هذه الواقعة حدث العكس؛ حين أقدمت الجدة على قتل حفيديها بمنطقة الطالبية في ظل غياب الام، كتمت انفاسهما ببطانية لإسكات صوت بكائهما.
بداية القصة عندما قررت الام الذهاب لإحضار الإفطار وبعض الأغراض المنزلية والأدوية بجوار العقار،تركت الطفلين المجني عليهما نائمين بجوار جدتهما «اقبال»60 سنة، لم يخطر ببالها ولو لحظة أن أمها سوف تتخلص يوما من حفيديها، فهم أسرة بسيطة من اصل سوداني مكونة من زوج وزوجة وأربعة أبناء جاءوا للإقامة قبل ثلاثة أشهر بالعقار رقم 3 بشارع العدل بمنطقة الطالبية برفقة الجدة للاب، رغم الفترة القصيرة التي مرت على وجود الاسرة بالعقار الا أن الجيران وحارس العقار يشهد بحسن أخلاقهم، الاب بحكم طبيعة عمله تاجر كثير السفر، والزوجة لا هم لها إلا السهر على راحة أولادها وخدمة حماتها، لكن في هذا اليوم كانت على موعد مع مفاجأة لا يتوقعها أكثر الناس تشاؤمًا، وإن كانت الأسرة تعلم ان هناك من يعيش بينهم ويعاني المرض النفسي الذي صار بمثابة قنبلة موقوته جاهزة للانفجار في وجه أفراد هذه الأسرة!
الجريمة
تلقى قسم شرطة الطالبية بلاغًا من حسن. ع 36 سنة والد الطفلين، بعثور زوجته عقب عودتها من السوق صباح يوم الواقعة على جثتي طفليها هناء 3 سنوات، وصادق ثلاثة أشهر وشكه في حدوث تسمم نتيجة تناولهما لبن أطفال فاسد، على الفور انتقل فريق البحث إلى العقار محل البلاغ، عثر رجال المباحث على جثتي المجني عليما ولاحظوا آثار ضرب على جسديهما، ما يؤكد أن هناك جريمة قتل عمد وليس بسبب تسمم غذائي كما ادعى الأب،كشفت التحريات أن الجدة ولانها تعاني من بعض الاضطربات النفسية؛حاولت اسكات الطفلين وكفهما عن البكاء ألقت البطانية على وجهيهما بعد الاعتداء عليهما، ما اقسى هذه اللحظات على طفلين لا يملكان هنا إلا الصراخ، المفاجأة الأخرى أن الأب عندما علم بذلك قال؛ امي مريضة نفسيًا ولم تقصد قتلهما وعلى أثر ذلك امرت النيابة بعرض الجدة على مستشفى الامراض النفسية؛ للتأكد من سلامة قواها العقلية وقت ارتكابها للجريمة، وتحرر محضر بالواقعة وطلبت تقرير الطبيب الشرعي لمعرفة سبب الوفاة، واستمعت إلى شهود عيان الواقعة من الجيران والمحيطين بالمنطقة، وقررت حبس المتهمة أربعة أيام على ذمة التحقيقات مع مراعاة التجديد لها في الميعاد.
أب بلا قلب
واقعة اخرى بشعة تقشعر لها الأبدان دارث أحداثها ايضا بمنطقة الطالبية بالجيزة؛ حين أقدم الاب على قتل طفلته التي لا يتعدى عمرها 5سنوات بعد أن انهال عليها بالضربات المتتالية حتى سقطت جثة هامدة أمام عينيه دون أن يطرف له جفن.
البداية كانت بتلقي قسم شرطة الطالبية إخطارا من أحد المستشفيات يفيد باستقبال طفلة تدعى «ذكرى» جثة هامدة وعلى جسدها اثار تعذيب، تبين من خلال تقرير المستشفى أن هناك آثار تعذيب على جسد الطفلة ما يؤكد وجود شبهة جنائية، امرت النيابة بالتحفظ على جثة الطفلة ونقلها لمشرحة زينهم لمعرفة سبب الوفاة، وعقب مناقشة الاب عن اثار التعذيب أقر انه كان يضربها بسبب شقاوتها حتى وقعت مغشيا عليها دون أن يعلم انها توفيت، ألقت المباحث القبض على الاب ويدعى أسامة عامل في العقد الثالث من عمره، وبمثوله امام النبابة أقر انه لم يقصد قتلها فقط كان يؤدبها ففؤجئ بها مغشى عليها فحاول إفاقتها بشتى الطرق دون جدوى فذهب بها الى المستشفى، ولكن كانت قد لفظت أنفاسها الأخيرة، وبسؤال الأم أوضحت أن المتهم زوجها يحب أولاده الذكور اكثر من البنات، واكد شهود عيان الواقعة؛ أن المتهم معتاد التعدي على طفلته، بعدها امرت النيابة بحبس المتهم أربعة أيام على ذمة التحقيقات.
ضرب حتى الموت
قلوب كالحجارة بل اشد قسوة؛ اب يسمع صوت بكاء طفلته الصغيرة وبدلا من أن يأخذها بين احضانه ويطمئنها بوجوده بجوارها، انهال عليها ضربًا بالحزام مما عرضها للإغماء فحملها على يديه ونقلها للمستشفى ظنًا منه أنها سوف تفيق من إغماءتها دون أن يدري انه يحمل جثة ابنته على يديه.
تلقى قسم شرطة السلام بلاغا من غرفة عمليات النجدة بالاشتباه في وفاة رضيعة جنائيًا بعد الفحص الطبي المبدئي الذي أثبت وجود آثار كدمات وتعذيب بجسد الصغيرة، تبين أن الطفلة تبلغ من العمر عاما واحدا، ضبط الاب المتهم وتحرر محضر بالواقعة والتحفظ على جثة الطفلة وتشريحها لبيان سبب الوفاة، وامرت النيابة بحبس المتهم.
الطب النفسي
كيف يرى الطب النفسي هذه الحالات؟!، يجيب الدكتور جمال فرويز أستاذ الطب النفسي قائلا: لو تكلمنا في البداية عن الجدة التي قتلت حفيديها الصغار بسبب مرضها النفسي، وبعيدا عن الواقعة اشير هنا إلى ما صرح به وزير الصحة في أحد المؤتمرات؛ أن نسبة الاضطرابات النفسية في المجتمع وصلت الى 26 %،من 8 الى 10 % هم من يخضعون للعلاج، والباقي يلجأون الى الدجالين على امل الشفاء، فالجدة في هذه الواقعة إما انها تعاني من انفصام ادى الى اضطرابات في التفكير وهلاوس سمعية وحسية وبصرية وأفكار خاطئة دفعتها لقتل الطفلين، أو اصابتها بمرض الزهايمر ومعه ينسى المريض إيذاء الآخر،أما اصابتها بالاكتئاب والوسواس فهذا مستبعد لأن المريض به يدفع الفرد للانتحار أكثر من التعدي على الآخر، أما في الجريمتين الأخرتين وكان بطلهما الأب، ربما يكون هذان المتهمان وقعا تحت تأثير المخدرات، وهذا لا يعفي من العقاب، وفي كلتا الحالتين الاضطرابات النفسية الناتجة عن تعاطي المخدرات أو الشخصية الانفجارية لا يعفى المتهم فيها من العقاب، ولكن المرض العقلي فقط مثل الانفصام يعفي فيها الجاني من المسئولية ليس بشكل كامل، ولكن يتم إيداعه في مستشفى للامراض النفسية، والعبرة في النهاية هو تقرير اللجنة الطبية النفسية بأن المتهم وقت ارتكابه الجريمة أنه واقع تحت تأثير مرضه العقلي.
اقرأ أيضا : بسبب الغيرة .. مقتل ربة منزل بحقنة هيروين على يد «ضرتها»