وجع قلب

هبة عمر تكتب: كما تزرعون

هبة عمر
هبة عمر

ينمو الإنسان حسب البيئة التى ولد وعاش فيها وتختلف طبائعه وسلوكه تبعا لذلك فكلما كان ما حوله يسمح للشعور بالراحة والجمال والخير انطبع هذا فى عقله وروحه، لذلك تستهدف علوم التربية الاهتمام بالتربية الجمالية للطفل خاصة مع إنتشار الماديات ومظاهر القبح، فهى وسيلة من وسائل بناء الشخصية السوية وحسن الذوق والتذوق وتقدير قيمة الحياة.

والسبيل إلى هذا النوع من التربية يقتضى توفير بيئة مناسبة فى محيط الأسرة والمجتمع والتعليم من الروضة الى المدرسة، ليعتاد الجمال ويرفض القبح فى القول والفعل، ويظل ترسيخ قيم الجمال هو حماية للذات الإنسانية من الانهيار والوقوع فى معطيات تدنى القيم فى المجتمع، فلا يمكن أن ننتظر من طفل ينشأ فى مكان لا يهتم بالنظافة مثلا أن يصبح مهتما بها فيما بعد من تلقاء نفسه، أو ننتظر ممن نشأ فى بيئة خالية من الخضرة والأشجار أن يدرك أهميتها أو يهتم بها، وهذا هو مغزى مقولة «كما تزرعون تحصدون» فهل نزرع بالفعل ما نريد أن نحصده؟

الحقيقة أن بناء شخصية أطفال اليوم ممن ننتظر أن يصبحوا بناة الغد وقادته تفتقر إلى توفير البيئة المناسبة، بداية من محيط الأسرة ومكان السكن والتعليم حتى محيط المجتمع كله، فهل هناك على سبيل المثال أماكن كافية للتنزه وحدائق ومساحات خضراء تحوى ألعابا للأطفال ومكتبات بها أنشطة للقراءة وممارسة الفنون المختلفة متاحة مجانا أو بأسعار رمزية لكل الأطفال فى مختلف المناطق؟ وهل تعتمد رياض الأطفال والمدارس فى برامجها التعليمية على غرس قيم الجمال كالنظافة واحترام الآخر والمحافظة على الممتلكات العامة وأهمية العطاء ومساعدة الآخرين؟ هل هناك إعلام مناسب للمساعدة فى بناء ثقافة وشخصية الأجيال القادمة؟ وهل هناك أى مسئول فى أى مكان يهتم بتوفير هذا المناخ المناسب أو يدعو له؟ وهل هناك جهات أو أشخاص يهتمون حقا بالمساعدة فى توفير هذه الاحتياجات الضرورية للتنشئة الجديدة سواء بالتبرعات المالية أو العينية؟ أظن أن الإجابة عن هذه التساؤلات سوف تكشف بوضوح حجم ما نزرعه الآن لنحصده غدا.