أما قبل

صناعة البهجة

إبراهيم المنيسى
إبراهيم المنيسى

من زمان لم تمتلئ مدرجات ستاد القاهرة بهذا العدد الهائل من الجماهير. مباراة الأهلى ومازيمبى الكونغولى سجلت حضورا قياسيا وتأثيرا مباشرا على معنويات اللاعبين وجديتهم وإبداعهم على أرض الملعب. لا مسرح بدون جمهور. وقبلها بأيام كان الحضور الأبيض أيضا رائعا وداعما للزمالك فى مباراته مع دريمز الغانى.المباراتان فى نصف نهائى بطولتى القارة..

وعليه ،كان دخول الأهلى والزمالك للدور النهائى لبطولتى دورى الأبطال والكونفيدرالية محمولا على حناجر الجماهير. كله يهتف.. كله يغنى. صناعة البهجة من أهم مخرجات العملية الكروية. مشهد غاب طويلا ولابد من التمسك باستمراره..
الكرة بالجماهير، مقولة لا مراء ولا تدليل فيها للاعب المختلف عليه...

هل هو رقم ١٢ أم رقم واحد.. ولكنه فى النهاية لاعب مؤثر فى أداء الفريق وإنتاجه.
مجهود كبير بذلته شركة تذكرتى للوصول للحضور الجماهيرى بالسعة الكاملة تقريبا لاستاد الرعب.. القاهرة وناصر من قبل، كما استحقت وزارة الداخلية ودعم قياداتها وجهود رجالها الثناء والشكر من إدارة النادى الأهلى، وهو ما شجع الكثيرين على التساؤل بعشم: مش ممكن نفضل كده على طول.. المدرجات تكون مليانة فى كل مباريات الفريق الجماهيرية.. ويادوب هم ٦ أندية فقط من ال١٨ ناديا بالممتاز..؟!

«صناعة البهجة» نحتاجها بشدة لضبط إيقاع المزاج الشعبى العام ولعودة الجماهير لممارسة دعمها وحبها لناديها.. كل ناد.. وبالتالى دعم الأداء الفنى وتطويره وبالطبع تنمية موارد هذه الأندية فى ظل ظروف احترافية صعبة.. والأهم بجانب كل هذا تقديم الصورة الحقيقية عن مصر وأمنها وأمانها.. وعودة الكرة بالجماهير لملاعبها. الصورة برة كانت قاتمة.. أيام الله لا يعيدها..!

لا يخفى على أحد مردود الصورة الإيجابية للملاعب الممتلئة بالجماهير الفرحانة.. وهدير التشحيع المحرك للصخر. الملعب الأحمر النارى يهز الضيوف.. والأبيض الكامل يقوى لاعبيه وعزف السمسمية يطرب الدراويش..وسيد البلد وإلعب يا مصرى.. وع المحلة منين يا سمنودى.. هتافات وأهازيج افتقدتها ملاعبنا. وجهود كبيرة بذلت من أجل الوصول لمشهد وصورة الأسبوع الفائت.. فهل ندعها تفلت هذه المرة؟

ولا يخفى على أحد أن المسئولية جماعية وبقاء الصورة عند هذا الحد الإيجابى أمر يحتاج لتكاتف كل الجهود.. نحن لا نخترع العجلة «ومش عارف اشمعنى العجلة يعنى!!» ولا نبتكر نظاما للكرة وجمهورها.. هناك قواعد ونظام وتعليمات تحفظ سلامة عناصر الملعب وأمن الجميع.. مراعاة هذه الضوابط حق وفرض عين على الجميع..

لا مناقشة فيما تحتاجه الملاعب من ضوابط وما تحظره الجهات الأمنية من لافتات وعبارات وخروج عن إطار الكرة والرياضة ودعم كل جمهور لفريقه.. الملاعب ليست إلا للكرة وفرقها ونجومها.. وغير ذلك من محاولات الجرجرة لما هو ضار بالبلاد والعباد. ليس مكانه هنا على الإطلاق.. والمخالف يشيل شيلته.. كده وبكل وضوح..

وفى الوقت ذاته يستحق الجمهور على بوابات الملاعب وبالمدرجات المعاملة الكريمة باحترام.. فلا يؤخذ عاطل بباطل.. ولا يمنع جمهور من أدوات تشجيعه مادامت فى إطار المسموح به والمتعارف عليه.. وأسعار التذاكر تكون فى المتناول وتراعى الأندية فى تحديدها ظروف الناس.. والقليل فى الكتير كبير!

وكما هى المسئولية جماعية كما تبدو هكذا فالمصلحة عامة والفائدة للكل أيضا.. الصورة الحلوة لملاعبنا المليانة تعيد للكرة المصرية قوتها.. وتذكر دول الجوار والأشقاء أن مصر بما تملكه من قوى ناعمة وجماهير حاشدة ومسابقات عفية قادرة دوما على تقديم منتج كروى يضاهى كبريات الدوريات.. وليس بالدولار وحده تتحقق البطولات. مصر تملك الأغلى والأغنى.. عراقة وإرث رياضى كبير وسمعة عالمية مشهودة وحضور قارى لافت.. وشعبية لأندية تبارز كبار أندية العالم..

كفانا اللعب فى القبور.. ومشهد المدرجات الصامتة. مصر تستحق منا جميعا التضافر والتصافى والعمل الجماعى المشترك. صناعة البهجة فى ملاعبنا مسئولية الجميع.