لعل الإعلام المصرى يستعيد ردياته مرة أخرى، ذلك ما أثبتته قناة الوثائقية، فقد أنتجت أفلاما وثائقية فى غاية الأهمية وأثبتت بهذا الإنتاج أننا نمتلك قدرات ثقافية وفنية وإعلامية نستطيع بها أن نستعيد الريادة فى مجال الثقافة والإعلام وتلك قضية مهمة لأنها تصب مباشرة فى مربع التنوير الذى أهملناه طويلا.
القناة الوثائقية حينما أنتجت فيلمين عن سيد قطب استعانت بمؤرخين موضوعيين لكى تعيد رسم المشهد السياسى الذى ظهر فيه سيد قطب الذى تعد أفكاره هى الأب الشرعى لكل منظمات الإرهاب فى كل العالم الإسلامى، لقد تحول سيد قطب على يد جماعة الإخوان المسلمين إلى شهيد وتم اختزال حياته فى مشهد إعدامه فقط، بينما أثبتت القناة الوثائقية المقدمات والأسباب التى جعلت سيد قطب أباً روحياً لجماعات التكفير والإرهاب والتى قادته هو شخصيا إلى حبل المشنقة.
وكثير من الأجيال الجديدة لم يتح لها الإطلاع على وثائق التاريخ المصرى ووقعت فريسة للضجيج الإخوانى الذى يقلب الحقائق ويفسد الموضوعية، جاءت الشهادات والبناء الدرامى الذى قدمته القناة الوثائقية على حلقتين ليشكل ضربة قاصمة لمن أدمنوا تزوير التاريخ والافتئات على الحقائق وادعاء البطولات الزائفة.
لذلك أعتقد أن هذا الإنتاج يتفوق على كثير من الخطب والنصائح لأنه يقدم الحقائق المجردة ويفسح المشهد لمؤرخين موضوعيين ويضع الحقائق كاملة أمام المشاهد.
لقد أثبتت القناة الوثائقية أن الحياد والموضوعية فى كتابة التاريخ هما اللذان ينفعان الناس ويمكثان فى الأرض، وأن مصر تملك قدرات إعلامية وثقافية عظيمة لم يتم استغلالها وتم إبعادها من المشهد.
جهد هذه القناة جهد مشكور ونحن ننحنى تقديرا لما اتسمت به برامجها من حياد وموضوعية ونتمنى أن تكون هذه الخطوات الموفقة هى طريقنا لاستعادة الريادة المصرية فى المجال الإعلامى.