فوق الشوك

فضل شعبان والاستعداد لرمضان

شريف رياض
شريف رياض

مضى شهر رجب وجاء شعبان الذى يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، رغم أفضاله الكثيرة التى يجب أن نستمتع بها ونحن نستعد لاستقبال شهر رمضان المعظم، «اللهم بلغنا رمضان وسلمنا إليه وتسلمه منا متقبلا».

ولهذا وجب التذكير بأفضال شهر شعبان وفى مقدمتها أنه شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين- كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- فأحب أن يرفع عملى وأنا صائم.

والمعروف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصوم من شعبان ما لا يصوم من غيره من الشهور.. وهذا دليل على أنه يخص شعبان بالصوم أكثر من غيره من الشهور.. والحكمة من صيام شعبان أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل المسلم فى صوم رمضان على مشقة، بل قد تمرن على الصيام واعتاده وذاق بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته، ويدخل فى صيام رمضان بقوة ونشاط.

إذن شعبان هو شهر ترويض النفس لاستقبال شهر رمضان المعظم ولهذا يصوم المسلمون فى شعبان اقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

يختص شعبان أيضا بأنه شهر غفران الذنوب فى ليلة النصف من شعبان.. قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى ليطلع فى ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن» أى مخاصم لمسلم أو مهاجر له.. وإحياء ليلة النصف من شعبان شخصيا أو جماعيا يكون بالصلاة والدعاء وذكر الله سبحانه وتعالى.

وتروى كتب السيرة الكثير عن ليلة النصف من شعبان التى يتجلى فيها الله سبحانه وتعالى على خلقه بعموم مغفرته وشمول رحمته، فيغفر للمستغفرين ويرحم المسترحمين ويجيب دعاء السائلين، ويفرج عن المكروبين ويعتق فيها جماعة من النار، ويكتب فيها الأرزاق والأعمال.

شعبان أيضا هو الشهر الذى نزلت فيه آية الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).

شهد شعبان أيضا تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة بعدما صلى المسلمون إلى بيت المقدس ١٧ شهراً وثلاثة أيام.. ذلك أن قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس كان فى الثانى عشر من ربيع الأول وأمره الله عز وجل باستقبال الكعبة فى النصف من شعبان.

ننتهى مما سبق إلى أن الاستعداد لرمضان يكون من شعبان، فمن كان عليه قضاء أيام من رمضان الفائت لسبب من الأسباب كالمرض أو الحمل أو الرضاع أو السفر أو الحيض فشعبان فرصته للمبادرة بالقضاء قبل دخول رمضان.. والاكثرمن الصوم ليألفه المسلم ويتعود عليه حتى إذا جاء رمضان لم يجد فيه تلك المشقة الكبيرة على الصيام.

علينا أيضا الإكثار من قراءة القرآن الكريم حتى إذا جاء رمضان تكون ألسنتنا قد تمرنت على قراءته.. والتمرن على الصدقة حتى إذا جاء رمضان تمرنت قلوبنا وأيدينا على الإنفاق. والتمرن على قيام الليل ولو قليلا حتى اذا جاء رمضان سهل علينا القيام حتى نفوز بالخير الكثير.

وهكذا يكون شعبان بمثابة صلاة النافلة لفريضة الصيام والاستعداد النفسى له.. ومن هذا الاستعداد النفسى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين).

وأخيرا.. يقول بعض الصالحين.. «رجب شهر الزرع وشعبان شهر سقى الزرع ورمضان شهر حصاد الزرع».. وهذا الكلام يقصد منه العمل لرمضان انتهاء لكن بدايته تكون من رجب فشعبان.

آخر كلام:

اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.