فى الصميم

الحرب مستمرة.. والحوار ممنوع!!

جلال عارف
جلال عارف

ليس واضحاً بعد ما إذا كانت أوكرانيا تناور فقط من أجل مزيد من الدعم العسكرى الغربى، أو أنها ترى فرصة  - ولو ضئيلة - للحل السياسى(!!) الرئيس الأوكرانى زيلينسكى رأى فى إعلان المبادئ الصينى نقطة إيجابية يمكن البناء عليها، وأعلن عن لقاء قريب لبحث الأمر مع الرئيس الصينى..

وهو موقف معاكس لموقف أمريكا بالذات!! ثم.. ها هى المخابرات الأوكرانية ترفض تقديرات المخابرات الأمريكية بشأن تزويد الصين لروسيا بـأسلحة فتاكة !! وتقول إنه لا توجد أى إشارات لتحرك صينى فى هذا الاتجاه!!

لكن ذلك كله لا ينفى الحقيقة الأساسية الآن.. وهى أن عاماً جديداً من الحرب فى أوكرانيا يبدأ مع حشد كل جانب لأكبر قوة عسكرية ممكنة استعداداً لمعارك مرتقبة فى الشهرين القادمين، وأنه - حتى الآن - لا يبدو فى الأفق ما يشير إلى رغبة الطرفين الأساسيين (روسيا والغرب بقيادة أمريكا) فى بدء الحوار الجاد من أجل وقف المأساة!

نتذكر هنا حقيقتين أساسيتين:

نتذكر ـ أولا ـ أن هذه أكبر حرب كان يمكن تفاديها لو أن تحركاً سياسياً جاداً استبق تحرك الجيوش بالتفاوض لترتيب الأوضاع بما يطمئن روسيا على أمنها ويحفظ لأوكرانيا استقلالها ولم يكن ذلك صعباً أو مستحيلاً لو كانت الثقة حاضرة بين أطراف الصراع.

ونتذكر ـ ثانيا ـ أنه بعد شهر واحد من بدء الحرب، كان هناك تفاوض بين العسكريين من أوكرانيا وروسيا. وكانت هناك وثيقة من أوكرانيا رحبت بها روسيا، وكان من الممكن أن توقف الحرب فى بدايتها لأنها تتضمن حياد أوكرانيا وانسحاب قوات روسيا، والعودة للحل الذى كان متفقاً عليه سابقاً بشأن الأقاليم الاوكرانية الانفصالية وشبه جزيرة القرم. وللأسف.. عاد الوفد الأوكرانى بعد ذلك وتراجع عن اقتراحاته لتستمر الحرب التى دخلت عامها الثانى.

الأسوأ فيما نراه الآن.. أن الطرفين يدركان أنها حرب لن يكون فيها منتصر لكن الطرفين يستمران فيها من أجل تحسين أوضاعهما فى أى تسوية قادمة. لا أوكرانيا ستستطيع طرد الروس بالحرب، ولا روسيا ستسيطر علي كل أوكرانيا مع دعم الغرب الكامل. لا شىء إلا المزيد من الاستنزاف والكثير من الدمار. وفى النهاية سيكون الخيار بين حرب عالمية لن يتحمل مسئوليتها أحد، أو حل تفاوضى كان ممكناً من البداية.. ومازال ممكناً رغم كل العقبات!