إطلالة نور

أنا غارم لله

محمد هنداوى
محمد هنداوى

وقفت أنا العبد الفقير إلى الله فى بيت الله الحرام منذ أيام قليلة منكس الرأس حياءً طالبًا من الله عفوه وغفرانه، وقد هربت منى الكلمات باكيًا راجيًا منه رضاه عنى بعد تقصيرى فى سداد ديونه، وطالبًا مغفرة ذنوبى رغم عدم رجوعى عنها فأنا غارم لله ومدين له كثيرًا.
الغارمون..

جمعُ غارمٍ ويُعرَّف فى اللُغة العربية: بأنَّهُ الشّخص الذى يترتّب عليه دينٌ، وحان وقتُ سداده، والغُرماء.. هُم أصحابُ الديون أى الدائنون، ويأتى بمعنى الالتزام، فهى تُلزم المدين بسداد ما عليه من مال، وأمّا تعريفه فى الاصطلاح فهوَ لا يختلف كثيرًا عن المعنى اللُغويّ: فهو المدين العاجز عن سداد الدَّين الذى فى ذمّته، وحان وقتُ أدائه، لفقره أو لزوال ماله..

اعترفت لله وتحدثت معه فى البيت المعمور خلال أداء مناسك العمرة بأننى غارم ومدين له بعطاياه الكثيرة ولا أستطيع سدادها، أعطانى بلا حساب ورزقنى بلا عدد من عطاياه فأنا مدين لك يا رب..

أنا غارم لك يا رب ولا أستطيع رد ولو جزءًا بسيطًا من ديونى الكثيرة إليك طالبًا رحمتك وغفرانك ورضاك، جئت إليك بيتك الحرام طالبًا قبول القليل الصلاة وقراءة القرآن والدعاء فأنت يا رب العاطى بلا حساب والغفار الكريم..

طالبًا ديونًا جديدة من الصحة والستر والرزق لى ولأسرتى وجميع أحبابي.. اعترفت لله بأننى غارم ليس لدى ما أرده بعد ستره ورزقه ومحبته وكرمه وفضله على طالبًا المغفرة وفتح صفحة جديدة، أشعر بخجل من تأخرى فى رد ديون لك يا الله ولكنك الغفور الرحيم..

طلبت من الله فى دعائى بلا خجل الكثير من النعم والمحبة والكرم والغفران لجميع الذنوب والخطايا، طلبت من الله فى سجودى أن يغفر لى خطيئَتى وجَهلى وإسرافى فى أمري، وما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وأن يشرح لى صدرى وييسر لى أمري.

وأخيرًا.. ليس الغارمون الذين تعثروا فى سداد ديونهم المادية فقط والذين يستحقون من المجتمع والدولة مساعدتهم فى سداد ديونهم وإنقاذهم من مشاكل كثيرة تصل إلى السجن والحبس، ولكن هناك الغارمين إلى الله.. الذين أعطاهم من الرزق والصحة والستر والبركة وغيرها من نعم الله ولكنهم لم يسددوا ديونهم لله، فجميعهم يحتاج إلى التوبة وتطهير النفس وسداد ولو جزءًا بسيطًا من ديونه لله عز وجل قبل فوات الأوان، فالعمر قصير والحياة دائمًا تنجح فى أن تلهينا بأمورها.