إبراهيم عبدالمجيد يكتب: كأس العالم.. هل انتهى؟

إبراهيم عبدالمجيد
إبراهيم عبدالمجيد

طوال مباريات كأس العالم الأخيرة فى قطر والسوشيال ميديا مفعمة بالأحاديث السياسية التى لم تتوقف لآخر لحظة حين وضع أمير قطر «البشت» القطرى على كتفيّ ميسى لاعب الأرجنتين كأن ذلك له معنى غير التكريم ورسالة نحن نهنئك بالعزيز الغالى رمز حياتنا. لكن فرصة الحديث فى السياسة لم تنقطع.

البرازيل والأرجنتين مثلا دول تعانى اقتصاديا وسياسيا لكن الكرة دائما تضعها فى مقدمة المشهد. فرنسا التى احتلت دولا أفريقية أزمنة طويلة فريقها أكثره من الشباب السود الذين ولدوا ونموا فى فرنسا نفسها. كثيرون تساءلوا لماذا يفعل السود ذلك بعد تاريخ فرنسا مع بلادهم ولا يفكرون كيف حقا لا يفعلون ذلك وفرنسا فتحت لأهلهم أبواب اللجوء فعاشوا وتعلم أبناؤهم فيها بلا تفرقة من أى نوع. فى كل الأحوال صارت المباريات سببا فى تفريغ طاقات الحب أو الغضب وهذا أمر طبيعى. ما يهمنى هو أنى شعرت بفراغ كبير بعد أن انتهى كأس العالم.

الوقت الذى قضيته فى متابعة المباريات كان وقتا اتسعت به الدنيا. تأثرت بالذين بكوا حين خرجت فرقهم وبالذين فرحوا حين انتصروا. كانت فرحتى غامرة بوصول المغرب إلى الدور قبل النهائى متحيزا للعروبة لا بأس ولأفريقيا لا بأس، لكن متحيزا لأيام جميلة تكررت فى زياراتى للمغرب، وجدت فيها شعبا يحب المصريين غاية الحب، فما أن يسألك شخص أنت مصرى، وتقول نعم، حتى يهلل فرحا ويدعوك إلى شرب الأتاى «الشاى المنعنع» المغربى، أو الغداء باسطيلة أو طاجين أو كسكس، وطلبت ضاحكا من أصدقائى من كتّاب المغرب أن يحتفظوا بحقى فى ذلك إذا حدث وساعدتنى الصحة على السفر إليهم يوما.

للمغرب حضور كبير فى تاريخنا منذ وفد الفاطميون واستقروا فى بلادنا أربعة قرون وتركوا خلفهم من آثار نمشي بينها كل يوم على رأسها شارع المعز والحديث فيها يطول، وظلوا من أهل التجارة وسميت شوارع وأحياء «بحي المغاربة»، لكن أهم ما أحمله للمغرب هو كلمة قالها لى أبى وأنا صغير أن مصر محروسة بأولياء الله، وفى حديثه مع الكبار عرفت أن معظم أولياء الله فى مصر من المغرب وفدوا من الأندلس فى طريقهم إلى الحج واستقروا هنا، أو من المغرب نفسها بعد أن ضاعت الأندلس.

فى الإسكندرية التى ولدت فيها مثلا كل أولياء الله من هناك باستثناء سيدى «أبو الدرداء» الصحابى الجليل وسيدى القبارى ابن المدينة. هكذا مشيت المغرب معى منذ الطفولة. تمنيت أن تصل المغرب إلى الدور النهائى، لكنى كنت أشعر أن وصولها إلى ما قبل النهائى يكفى، فهذه أول مرة، والأمر يحتاج إلى تعود حتى لا تتوتر أمام فرقة أخرى مثل كرواتيا التى تعودت فى أكثر من دورة على الوصول إلى ما قبل النهائى. السؤال الآن هل نحن نستطيع استضافة كأس العالم يوما عندنا. الإجابة هى قطر. ودراسة كيف استطاعت وماذا فعلت قبل الموعد حتى تصل إلى هذه الدقة فى إخراج المباريات وما يحيط بها من جمال.