إنها مصر

وقفة مع صناع الأزمات!

كرم جبر
كرم جبر

فى الدول التى اخترعت الرأسمالية، يتم التوازن بين أمرين مهمين: حماية رأس المال ورجال الأعمال والمستثمرين من ناحية، وحماية الناس بتفعيل قوانين الحماية الاجتماعية من ناحية أخرى.

إذا لم يحدث ذلك انقلبت الرأسمالية إلى وحش كاسر يمتص الدماء، ويظهر الوجه القبيح فى صور الجشع والاحتكار والاستغلال وارتفاع الأسعار العشوائى.

ضرورياً أن تتدخل الحكومات لحماية مواطنيها ومنع استغلالهم، واتخاذ إجراءات حازمة لضبط المشهد الاقتصادى، وكبح جماح مستثمرى الأزمات.

وهذا ما تفعله مصر منذ ثمانى سنوات، لتحقيق المعادلة الصعبة بين الحرية الاقتصادية، والمصلحة المجتمعية.

بعد أحداث يناير كان مستحيلاً أن تترك الدولة الأسواق للقطاع الخاص ورجال الأعمال، لأن النتائج كانت صعبة على أرض الواقع.

فمنذ عام 2013 كانت الأزمات تتوالى يوماً بعد يوم، فى صور العجز الكامل فى السلع والخدمات، من المواد الغذائية حتى الكهرباء والمياه والبوتاجاز، ولعلنا لا ننسى أننا كنا موضوعاً للشفقة والسخرية من بعض وسائل الإعلام الكارهة، وهم يتحدثون عما أسموه شهداء الخبز وشهداء البوتاجاز وغيرها.

كان ضرورياً أن تتدخل الدولة، وإلا لن يجد مواطن رغيف خبز، وفى سباق مع الزمن حدثت أكثر من معجزة اقتصادية وكدنا نصل إلى الاكتفاء الذاتى فى معظم الاحتياجات.

وتعالت نفس الأصوات التى تشكو من تدخل الدولة، بزعم تضييقها على القطاع الخاص وخنق السوق، وغيرها من الشعارات المستهلكة التى تتردد فى كل الأزمات.

وأصبحت النظرية هى: إذا تدخلت الدولة اشتكوا، وإذا تركتهم استغلوا.

وحدث ما لا يحمد عقباه بسبب أزمة كورونا والحرب الأوكرانية، وما ترتب عليهما من آثار وخيمة على كل دول العالم، كانت تتطلب الالتفاف والاصطفاف والتعاون لعبور تلك الأزمات بسلام.

وبين يوم وليلة قفز الدولار من 15٫5 جنيه إلى 25 وأكثر، دون مبررات حقيقية تفسر ما يحدث، إلا البحث عن الأصابع التى تعبث فى الخفاء، وأبحث عن معلومات كافية لتفسير هذا الأمر.

وبين يوم وليلة قفزت أسعار اللحوم والدواجن ومختلف السلع، دون أسباب حقيقية تدعو إلى ذلك، حتى السلع التى كانت مخزنة منذ شهور طالها الغلاء.

وكان ضرورياً - أيضاً - أن تتحرك الحكومة قبل أن ينفلت الزمام أكثر من ذلك، وهى تفعل ذلك مضطرة حتى لا تتزايد محاولات الابتزاز.
القطاع الخاص فى العالم كله خط دفاع متقدم عن الأمن القومى، بما يوفره من فرص عمل وسلع وخدمات، بعيداً عن الاحتكار والاستغلال، وهو شريك استراتيجى فى التنمية الاقتصادية وتفريج الأزمات.


 عكس ذلك.. فالأمر يحتاج وقفة مشددة مع صناع الأزمات.