إضاءات

مسرح نوادى السجون

عاطف النمر
عاطف النمر

فى ظل مناخ الأسى الذى غلف نفسى بفعل رحيل الأحباب فى نهاية 2019 : الكبير إبداعا ومقاما المخرج الصديق محسن حلمى قاوم المرض على قدر ما يستطيع ثم ترجل عن جواده مودعا الدنيا بآلامها وأوجاعها، والعزيز الكبير سمير سيف المتفرد الذى فاجأنا برحيله دون مقدمات، وصديق البدايات الفنان حسن عفيفى نجم فرقة رضا فى زمانها الجميل، وكأن الموت لا يريد أن يهدأ فاختطف زميل الدراسة ورفيق الدرب والمشوار فى مهنة البحث عن الحقيقة-وهى نسبية-الزميل العزيز محمود صلاح أحد نجوم صحافة مؤسسة « أخبار اليوم « وقضينا معا ليالى من أجمل ليالى العمر فى « كافيه ريش «، ربنا يرحمهم جميعا ويسكنهم الجنة، فهم الآن فى مكان أفضل كثيرا عن عالمنا المادى الكاذب الصادم فى كل شيء !
أعود وأقول إن فنان السينوغرافيا المعروف حازم شبل أخرجنى دون أن يقصد من الحالة السلبية إلى حالة ايجابية تماما اتمنى ان يتم تنفيذها لدينا فى مصر، حازم شارك فى واحدة من ندوات مهرجان ايام قرطاج المسرحية بتونس، وقد أرسل لى بالسطور التالية : « من الأفكار الإنسانية الرائعة ومن أجمل ماحدث فى حفل ختام الدورة 21 لأيام قرطاج المسرحية منح إحدى جوائز لجنة التحكيم الموازية والتى كانت بعنوان: جائزة «العروض المسرحية المتميزة لنوادى المسرح للمودعين بالمؤسسات السجنية والإصلاحية»، نعم.. شارك المساجين والمسجونات بعروض مسرحية فى المهرجان بحضور جمهور عادى غفير، ومن أرقى ما قيل فى مميزات الجائزة « المطالبة والعمل على أن تخفف مدة العقوبة لكل الذين يشاركون فى النشاطات الثقافية والفنية وخاصة المسرحية من المسجونين والمسجونات «، كما أعلن أن قيمة الجوائز سوف تحول إلى أهالى المسجونين والمسجونات، شيء راقٍ جداً وفى منتهى الإنسانية، تخيل مسجونا يحول أموالا إلى أهله وهو مسجون تحصل عليها من جائزة مسرحية تؤكد ما لديه من إبداعات فنية لفتت نظر وتقييم لجنة التحكيم.. ويضيف حازم شبل : « لفت نظرى أن من تسلم الجوائز السادة ضباط السجون، وقف «السجان» وقف على المسرح فرحاً بمسجونيه، يتلقى الجوائز وسط تصفيق بشكل إنسانى، رأيت الضباط وهم يرتدون ملابس مدنية أثناء البروفات، يقومون بتحفيظ المساجين أدوارهم، لحظات إنسانية رائعة عاشها الحضور أثناء إعلان هذه الجائزة الرائعة فى مدلولها ومعناها، الفكرة ذكرتنى بما كتبه الراحل الكبير موسى صبرى فى كتابه «الصحافة الملعونة « عن العروض التى كان يقوم بتأليفها وإخراجها وتمثيلها السجين محمد أنور السادات لنزلاء سجن الأجانب.