الفشل فى جيش الاحتلال.. سيد الموقف

ارتفاع أعداد القتلى والمصابين وراء حالات هروب جنود الاحتياط فى الجيش الإسرائيلى
ارتفاع أعداد القتلى والمصابين وراء حالات هروب جنود الاحتياط فى الجيش الإسرائيلى

فشلت تل أبيب فى الالتفاف على أزمة رفض خدمة الاحتياط فى جيش الاحتلال باستدعاء فيالق الاحتياط من خارج إسرائيل، فضلًا عن استقطاب «مرتزقة» بمقابل مادى، لاسيما بعد اتساع دائرة الحرب فى غزة، والتلويح بحرب وشيكة على الجبهة الشمالية أمام «حزب الله».

وتعاطيًا مع أزمة رفض الخدمة التى قادتها قوات سلاح الجو، وانتقلت عدواها إلى مختلف الأسلحة، اضطر نتانياهو بعد عملية «طوفان الأقصى» 7 أكتوبر الماضى لاتخاذ قرار أحادى بتفعيل «المرسوم 8»،وبموجب المرسوم الذى لم يراجع فيه رئيس الوزراء الإسرائيلى المستوى العسكرى، انتهكت إسرائيل قدسية يوم السبت، وخصصت بتمويل مؤسسات أمريكية خطوطًا ملاحية عبر شركة طيران «إيل عال»، لنقل الفيالق الإسرائيلية المحسوبة على الاحتياط فى الولايات المتحدة وأوروبا إلى مطار بن جوريون، وإدراجها فور الوصول ضمن قوات الاحتلال العاملة فى قطاع غزة.

اقرأ أيضًا | جالانت يهدد بإعادة لبنان لـ «العصر الحجرى».. 6,5 مليار دولار مساعدات أمريكية لإسرائيل منذ 7 أكتوبر

واعتبر نتانياهو رفض خدمة الاحتياط داخل إسرائيل حالة استثنائية، تستدعى تفعيل «المرسوم 8»،ورغم أن المرسوم يخوِّل وزير الدفاع وليس غيره صلاحية استدعاء الاحتياط، منح نتانياهو نفسه حق اتخاذ القرار الأحادى، لاسيما فى ظل فجوة الثقة مع وزير دفاعه يوآف جالنت.

ومع إرهاصات اشتعال جبهة إسرائيل الشمالية، وتزامنها مع الحرب الدائرة فى قطاع غزة، أصدر نتانياهو بالتنسيق مع يوآف جالنت فى هذه المرة قرارًا بتفعيل «المرسوم 9» لاستدعاء الاحتياط من الخارج، ويختلف المرسوم الثانى فى تباطؤ حركته عن الأول.

وكشفت تسريبات استخباراتية أن إسرائيل لجأت إلى «المرسوم 9» عام 2011، وحشدت فيالق قواته على طول خط التماس مع سيناء، بداعى صد الاضطرابات الأمنية فى شبه الجزيرة!

إلى جانب المرسومين، حشد جيش الاحتلال 7365 فردًا من «المرتزقة» لدعم جيش الاحتلال فى عدوانه على غزة، بالإضافة إلى مضاعفة العدد فى إطار الاستعداد لحرب وشيكة مع «حزب الله».

وتؤكد دورية «كوتار» الإسرائيلية المتخصصة فى الملفات الأمنية أن المرتزقة «يمثلون أهمية كبيرة لدى الجيش الإسرائيلى، ويمكن اعتبار تلك القوات بابًا خلفيًا لتغطية إخفاقات المؤسسة العسكرية الإسرائيلية فى ميادين القتال»، وهو ما دفع تل أبيب إلى الاستعانة بعملاء عسكريين لاستقدامهم وإقناعهم بالانضمام إلى جيش الاحتلال.

ورغم تكلفة مرسومى استدعاء الاحتياط، وكذلك فاتورة «المرتزقة»، أفادت تسريبات إسرائيلية بهروب جانب كبير من فيالق احتياط الخارج الإسرائيلى دون إبلاغ القادة. وأضافت التسريبات التى نشرتها مجلة «كلكاليست» أنه «منذ اندلاع الحرب فى قطاع غزة، جرى تسجيل المئات من حالات الهروب شهريًا». ورغم محاولات المتحدث باسم جيش الاحتلال نفى تسريبات بهذا الخصوص، أكدت المجلة العبرية تلقيها خلال الأشهر الأخيرة توثيقًا لمئات حالات الهروب من جنود احتياط المرسومين 8 و9،فرغم حصولهم على راتب كامل، لكنهم غادروا إسرائيل بتذاكر أحادية الاتجاه «بلا رجعة». وأضاف تقرير «كلكاليست» أن قيادة أركان الجيش الإسرائيلى فرضت تعتيمًا على هذه التطورات خوفًا من الفشل فى إعادة استدعاء جنود احتياط المرسومين مجددًا.

ويزيد الصحفى الإسرائيلى يانيف كوفوفيتش «طين جيش الاحتلال بلَّة» حين كشف انتحار أحد جنود احتياط «المرسوم 8» بعد استدعائه مجددًا للقتال فى قطاع غزة. جندى الاحتياط المدعو باليران مزراحى، كان قد أصيب باضطرابات نفسية بالغة بعد المشاركة فى عدوان إسرائيل على قطاع غزة،وبعد تسريحه استدعته قيادة الجيش مرة أخرى، فآثر الانتحار على العودة للخدمة، ما دعا القيادة إلى عدم اعتباره «شهيدًا»،إلا أن تقديرات جيش الاحتلال حذرت من تبعات القرار، خوفًا من تمرد جديد بين صفوف الاحتياط، فتراجعت فورًا عن القرار واعتبرت الجندى المنتحر «شهيدًا»، حسب تقرير كوفوفيتش بصحيفة «هاآرتس».

وتتطابق حالة الارتباك العسكرية فى إسرائيل مع نظرية المؤرخ والخبير العسكرى الإسرائيلى أورى مليشتاين، الذى أكد فى إحدى نظرياته المثيرة للجدل فى تل أبيب أن «الجيش الإسرائيلى عبارة عن مليشيا مناهضة للفكر. إنه فى حقيقة الأمر ليس جيشًا محترفًا على الإطلاق، وإنما هو مليشيا مسلحة بأسلحة متطورة فقط، وبالتالى لا يمكنه تنفيذ المهام المنوطة به على النحو الأمثل».

فى مقاله المنشور فى صحيفة «هاآرتس» بتاريخ 14 مايو 2012، قال مليشتاين نصًا: «أثبتت حرب لبنان الأولى والثانية، وعملية «طوفان الأقصى» فى مستوطنات غلاف قطاع غزة، أن وسائل الحرب المتقدمة ليست كافية لكسب الحروب، بل هناك حاجة إلى تكتيكات وقدرة عملياتية واستراتيجيات مثالية،وهو ما لا يستطيع الجيش الإسرائيلى تطويره فى الواقع الحالى».