صراع الرؤى والأفكار.. الصحافة الفرنسية ترصد مناظرة حامية قبل الانتخابات التشريعية

صورة موضوعية
صورة موضوعية

شهدت الساحة السياسية الفرنسية حدثاً بارزاً حيث التقى ثلاثة من أبرز القادة السياسيين في مناظرة تلفزيونية مثيرة على قناةTF1.  الفرنسية جاءت هذه المناظرة قبل أيام قليلة من الجولة الأولى للانتخابات التشريعية المبكرة التي دعا إليها الرئيس إيمانويل ماكرون، مما أضفى عليها أهمية استثنائية.

تابعت الصحافة الفرنسية هذا الحدث السياسي باهتمام بالغ، مقدمة تحليلات متعمقة لمجريات المناظرة وأداء المشاركين فيها.

المتنافسون الثلاثة

شكلت المناظرة التلفزيونية مسرحاً لثلاث شخصيات سياسية بارزة، تمثل كل منها تياراً مختلفاً في المشهد السياسي الفرنسي، إذ في المقدمة يأتي جابرييل أتال، رئيس الوزراء الحالي البالغ من العمر 35 عاماً، والذي يمثل تحالف الرئيس ماكرون "معاً".

يتميز أتال بخبرته السياسية رغم صغر سنه، ويسعى جاهداً للحفاظ على موقعه في ظل التحديات الراهنة التي تواجه الحكومة.

أما المنافس الثاني فهو جوردان بارديلا، رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، والبالغ من العمر 28 عاماً فقط. يطمح بارديلا، رغم حداثة سنه، إلى تحقيق إنجاز تاريخي بأن يصبح أول رئيس وزراء من اليمين المتطرف في تاريخ فرنسا الحديث.

وأخيراً، يأتي مانويل بومبار، البالغ من العمر 38 عاماً، كممثل لائتلاف اليسار الجديد (الجبهة الشعبية الجديدة)، فيما يعتبر بومبار أحد أبرز وجوه حركة فرنسا الأبية، ويسعى من خلال مشاركته في هذه المناظرة إلى تقديم رؤية يسارية بديلة للسياسات الحالية، آملاً في استقطاب الناخبين الساخطين على سياسات الحكومة واليمين المتطرف على حد سواء.

لو موند: صراع محتدم وتبادل للاتهامات

ركزت صحيفة لو موند في تغطيتها على حدة النقاش بين رئيس الوزراء جابرييل أتال وجوردان بارديلا، ووصفت الصحيفة المناظرة بأنها كانت "حادة اللهجة" و"كشفت عن توترات شديدة" بين الطرفين.

نقلت الصحيفة تفاصيل الجدال الحاد بين أتال وبارديلا، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية، فقد وعد بارديلا بأن يكون "رئيس وزراء القدرة الشرائية" إذا منحه الفرنسيون ثقتهم، متعهداً بخفض ضريبة القيمة المضافة وتقديم إعفاءات ضريبية للشباب دون سن الثلاثين.

في المقابل، رد أتال بحدة قائلاً: "أنا رئيس الوزراء. الفرق بيني وبينك هو أنني لا أريد أن أكذب على الفرنسيين"، واتهم أتال منافسه بتقديم وعود سحرية دون توضيح كيفية تمويلها.

كما أبرزت لو موند الجدل الذي أثاره اقتراح بارديلا المثير للجدل بحظر مزدوجي الجنسية من تولي مناصب حساسة، حيث انتقد أتال هذا المقترح بشدة قائلاً: "الرسالة التي ترسلها هي أن مزدوجي الجنسية هم نصف مواطنين".

لوباريزيان: استراتيجيات متباينة في إطار موحد

قدمت صحيفة لوباريزيان تحليلاً مختلفاً نوعاً ما، حيث رأت أن المتناظرين الثلاثة التزموا إلى حد كبير بمواقفهم واستراتيجياتهم المعروفة مسبقاً.

وصفت الصحيفة النقاش بأنه كان "تقنياً إلى حد كبير"، مع تركيز كل مرشح على إظهار مصداقيته.

لاحظت الصحيفة أن ممثلي المعارضة، بومبار وبارديلا، هاجما بشكل متكرر سجل أتال كرئيس للوزراء.

في المقابل، حاول أتال إبراز افتقار خصومه للمصداقية والخبرة اللازمة لقيادة البلاد.

أشارت لوباريزيان إلى أن بارديلا حاول تقديم نفسه كمرشح "معقول"، حريص على المال العام، وهو نهج يتماشى مع استراتيجية حزبه في الآونة الأخيرة لتحسين صورته.

أما بومبار، فقد ركز على انتقاد بارديلا من منظور اجتماعي، محاولاً تقويض مكانته كمدافع عن الطبقات الشعبية.

لوبوان: بداية عصر سياسي جديد

قدمت صحيفة لوبوان تحليلاً أكثر عمقاً للمناظرة، معتبرة إياها "أول مواجهة سياسية في عصر ما بعد إيمانويل ماكرون".

لفتت الصحيفة الانتباه إلى حقيقة مثيرة للاهتمام: لم يُذكر اسم الرئيس ماكرون خلال المناظرة التي استمرت قرابة الساعتين، وهو أمر غير مسبوق منذ دخوله المشهد السياسي.

ركزت لوبوان على محاولة بارديلا تقديم نفسه كمرشح لليمين التقليدي، خاصة في القضايا الاقتصادية والمالية.

نقلت الصحيفة تصريحات بارديلا حول "العودة إلى العقلانية المالية" و"إخراج البلاد من حالة شبه الإفلاس"، مشيرة إلى وعده بإجراء تدقيق في حسابات الدولة فور وصوله إلى السلطة.

في المقابل، أبرزت الصحيفة محاولات أتال تقويض مصداقية برنامج بارديلا، متسائلاً: "من سيدفع في عالمكم حيث لا توجد ضرائب ويتوقف الناس عن العمل في سن الستين؟"

لومانيتيه: الدفاع عن العدالة الاجتماعية في مواجهة اليمين والوسط

اهتمت صحيفة لومانيتيه بشكل خاص بأداء ممثل ائتلاف اليسار، مانويل بومبار.

أبرزت الصحيفة دفاعه عن برنامج "العدالة الاجتماعية" للجبهة الشعبية الجديدة، بما في ذلك تجميد أسعار السلع الأساسية ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 1600 يورو، مع تقديم دعم للشركات الصغيرة.

نقلت الصحيفة انتقادات بومبار الحادة لكل من أتال وبارديلا، متهماً إياهما بـ"إثراء أغنى 10% على حساب أفقر 30%". كما أبرزت لومانيتيه موقف بومبار من قضية الهجرة، حيث دافع عن حقوق المهاجرين قائلاً: "لا أحد يترك بلده من أجل المتعة. الشيء الأول الذي يجب فعله هو معالجة الأسباب التي تجبر الناس على الهجرة".

اقرا ايضا | اجتماع طارئ لمجلس الأمن لمناقشة الضربة الإسرائيلية في رفح الفلسطينية