رحلة العائلة المقدسة إلى مصر حماية للمسيحية في مهدها

رحلة العائلة المقدسة إلى مصر
رحلة العائلة المقدسة إلى مصر

- خبير الآثار آثار يرصد جهود الدولة فى إحياء مسار العائلة المقدسة والعوائد المنتظرة

"وَبَعْدَمَا انْصَرَفُوا، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ قَائِلاً:«قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ، وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ، لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ»" إنجيل متى (2: 13).

بهذه الكلمات من الكتاب المقدس، يبدأ خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار رحلته في مسار العائلة المقدسة، رحلة شرفت بها أرض مصر، امتدت من رفح إلى الدير المحرّق بأسيوط وصولاً إلى درنكة في طريق العودة، حيث مكثت العائلة المقدسة في مصر ثلاث سنوات و11 شهر، قاطعةً خلالها 3500 كم ذهابًا وإيابًا، السيد المسيح جاء إلى مصر وعمره أقل من عام، وعاد منها صبيًا، أي تفتحت عيناه ومشى أولى خطواته على أرض المحروسة.

لماذا مصر؟ يشير الدكتور ريحان إلى سبب اختيار مصر لهذه الرحلة العظيمة التي أنقذت المسيحية في مهدها، مما يبرز فضل مصر على العالم بحفظ المسيحية من القضاء عليها في بدايتها، ذكر اسم مصر تحديدًا في الكتاب المقدس يؤكد قيمتها الروحية، فقد احتضنت يوسف الصديق وإخوته ودخلوا أرضها آمنين، وتوالد من نسلهم نبي الله موسى الذي عاش وتربى في مصر قبل أن يخرج منها عبر سيناء إلى الأرض المقدسة، من هذا المنطلق، كان اختيار مصر قدرًا لتباركها السيدة العذراء والسيد المسيح والقديس يوسف النجار، كما جاء في القرآن الكريم ﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾، مما يؤكد حقيقة لجوء العائلة المقدسة إلى مصر المشهورة بالربى.

** رحلة العائلة المقدسة عبر مصر: مسار تاريخي يبرز القيمة الروحية لمصر

في سياق رحلة العائلة المقدسة عبر مصر، يسلط الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو المجلس الأعلى للثقافة بلجنة التاريخ والآثار، الضوء على المحطات التاريخية التي مرت بها العائلة، بدءًا من رفح مرورًا بالشيخ زويد، العريش، الفلوسيات، القلس، وصولاً إلى الفرما وتل بسطة، استمرت الرحلة المقدسة لتشمل مسطرد، بلبيس، منية سمنود، وسمنود، استكملت العائلة مسارها عبر سخا، بلقاس، وادي النطرون، المطرية وعين شمس، الزيتون، حارة زويلة، مصر القديمة وحصن بابليون، ثم إلى المعادي وسقارة.

من هنا، اتجهت العائلة نحو دير الجرنوس بمغاغة، البهنسا، جبل الطير بسمالوط، الأشمونين بالمنيا، ديروط، ملوي، كوم ماريا، وتل العمارنة. لاحقًا، مرت بمحطات مثل القوصية، ميرة، والدير المحرّق. وفي طريق العودة، توقفت العائلة عند جبل أسيوط الغربي "درنكة" قبل العودة إلى مصر القديمة، ثم المطرية، المحمة، وأخيرًا عادت عبر سيناء.

كل محطة من هذه المحطات تروي قصة تاريخية وروحية، مشيرة إلى أهمية مصر كمأوى آمن للعائلة المقدسة، ومؤكدةً على دورها المحوري في حماية المسيحية في مهدها.

** استثمار الرحلة .. اعتماد بابا روما مسار العائلة المقدسة كطريق للحج في مصر وتنشيط السياحة الدينية والاقتصاد.

وأردف الدكتور ريحان بأنه منذ اعتماد بابا روما مسار العائلة المقدسة كطريق للحج فى مصر عام 2017 ودعوة 1.2 مليار كاثوليكى فى العالم للحج إلى مصر وتتكاتف كل جهود الدولة لتطوير معالم الطريق من رفح إلى دير المحرق لتجهيزه لاستقبال أعداد كبيرة من السياح تسهم بشكل كبير فى تنشيط كافة الأنشطة الاقتصادية، ويستهدف مشروع إحياء المسار 2.3 مليار مسيحى فى العالم علاوة على عددًا كبيرًا من المسلمين لو جاء مصر 2%  فقط  سيدخل مصر 46 مليون حاج مسيحى سنويًا، كما حصلت الدولة على اعتراف دولى من اليونسكو بهذه المسار بعد ضم الاحتفالات المتصلة بالعائلة المقدسة على القائمة التمثيلية لليونسكو تراث لامادى، وتنطلق الدولة بتوجيهات القيادة السياسية فى أعمال تطوير وترميم وتهيئة المحطات لاستقبال رواد الرحلة على طول المسار فى عدة محافظات تتضمن محطات الرحلة .

** تحسين البنية التحتية بالفرما وتطوير منطقة تل بسطا الأثرية

تم تخصيص 10.8 مليون جنيه لتحسين ورفع كفاءة البنية التحتية بالفرما والمناطق المحيطة بها ورصف الطريق المؤدى إلى المنطقة وتشجيره ورفع كفاءة الطريق وإنارة طريق الفرما وإقامة متحف ومركز للحرف التراثية من الكليم البدوى ومنتجات سعف النخيل وتجفيف البلح والقواقع البحرية وزيت الزيتون
الشرقية.

تبلغ مساحة منطقة تل بسطا 124 فدان شهدت اكتشافات أثرية هامة كشفت عن المعبد الكبير للإلهة باستت وأطلال معبد بيبى الأول ومنطقة الجبانات للدولة القديمة والحديثة وأساسات لقصر أمنمحات الثالث وتمثال للملكة ميريت إبنة رمسيس الثانى، وقد تم إقامة سور يحيط بتل بسطا مزود ببوابات إلكترونية وممر داخلى وتزويدها ببرجولات خشبية إحداهما للبئر المقدسة.

** تطوير مسار العائلة المقدسة بمصر وتحسين البنية التحتية في كفر الشيخ والقاهرة

تم إعادة تأهيل المسار وتطوير كل العناصر التى تحقق الرؤية البصرية الجمالية للمسار ودهان الواجهات وتوحيد واجهات ولافتات المحلات وتجميل الميدان الرئيسى
كفر الشيخ .

مرت العائلة المقدسة بمنطقة سخا بكفر الشيخ وحدثت بها معجزة ماء كعب يسوع حيث أوقفت السيدة العذراء مريم ابنها على قاعدة عمود فغاصت مشطا قدميه فى الحجر وانطبعت قدميه وقد تفجّر نبع ماء وسمى هذا المكان "كعب يسوع"، وأصبح الموقع بركة للناس حيث يأتون ويضعون فى مكان القدم زيتًا ويحملونه إلى بلادهم وينتفعون ببركة هذا الزيت فى الشفاء.

وفى سخا تم تطوير المنطقة المحيطة بكنيسة العذراء مريم وتم افتتاح أعمال التطوير فى مارس 2021 من تشجير الشوارع المحيطة بالكنيسة ورصفها بالإنترلوك وإقامة حديقة ومكان انتظار للسيارات والأتوبيسات وتأهيل المنطقة السكنية ووضع علامات إرشادية كما قامت الدولة بترميم الكنيسة بعد حريق عام 2008
القاهرة.

تم حل مشكلة الصرف الصحى بمنطقة شجرة مريم بالمطرية وتجميل المنطقة وبمحيط مجمع الأديان بمصر القديمة تم دهان كل العقارات المطلة على جامع عمرو بن العاص بألوان موحدة وتدعيم الخدمات الأمنية والانتهاء من البرجولات الخشبية والمظلات الخرسانية وزرع النخيل بطول المسار.

** تطوير وادي النطرون لدعم السياحة الدينية

ويشير الدكتور ريحان إلى مجهودات الدولة فى تطوير وادى النطرون بطول 26كم بتكلفة 76 مليون جنيه وشملت البوابة الرئيسية لمدخل مدينة وادى النطرون وتركيب لوحات إرشادية وبانرات ورصف وتوسعة أربع طرق بطول 26كم بتكلفة إجمالية 44 مليون جنيه منها طريق الأنبا بيشوى بطول 1.5كم وطريق بيت الوادى بطول 1.2كم ورصف وازدواج طريق دير الباراموس بطول 6كم  ورصف باقى الطريق الدائرى بطول 18كم مع أعمال الإنارة وزراعة النخيل وتطوير البنية التحتية وتأهيل الطرق المؤدية لأديرة الأنبا بيشوى والأنبا مقار والباراموس والسريان وتم تحديد أماكن التخييم بطريق دير الأنبا بيشوى والسريان وتشمل ثلاثة مخيمات بتكلفة 9 مليون جنيه فى ثلاثة مناطق، وأطلقت الدولة مؤخرًا جولة افتراضية لزيارة مسار العائلة المقدسة بوادى النطرون.

** تطوير منطقة جبل الطير ودير المحرق لاستقبال 3 مليون زائر سنويًا

تستقبل منطقة جبل الطير 3 مليون زائر سنويًا من المسيحيين والمسلمين خلال شهر مايو من كل عام احتفالًا بالعائلة المقدسة، وتمت بها أعمال تطوير شاملة منها ترميم الكنيسة الرئيسية والمدخل الرئيسى لها والاستراحة والطريق السياحى وتمهيد الطريق المؤدى إليها بالبازلت وأعمال التشجير، وفى دير المحرّق تطوير المناطق المحيطة بالأديرة والكنائس وتجديد الأسوار الخارجية لها وإقامة بوابات ومناطق لانتظار الزوار والأتوبيسات والسيارات وطلاء المنازل المجاورة وتخطيط الشوارع وتركيب الإنترلوك وتطوير وتبطين وتدبيش ترعة القوصية المؤدية إلى دير المحرّق.

** تطوير و تحسين المناطق المحيطة بمسار العائلة المقدسة :

شملت أعمال التطوير رفع كفاءة الطرق الداخلية المحيطة بمناطق المسار وأعمال الإنارة داخل المنطقة الأثرية والمناطق المحيطة واللوحات الإرشادية والمرورية وتنسيق المواقع والتشجير وتشييد بوابات تناسب مسارات الزيارة وتطوير المناطق المحيطة بالأديرة والكنائس وتجديد الأسوار الخارجية لها وإقامة بوابات ومناطق لانتظار الزوار والأتوبيسات والسيارات وطلاء المنازل المجاورة وتخطيط الشوارع وتركيب الإنترلوك وتطوير وتبطين وتدبيش ترعة القوصية المؤدية إلى دير المحرّق.

- احتفالات دخول العائلة المقدسة إلى مصر في شهر يونيو بمشاركة المسيحيين والمسلمين:

وأوضح الدكتور ريحان أن مصر تحتفل كلها خلال شهر يونيو بدخول العائلة المقدسة إلى مصر بترنيمات رائعة وموالد فى المواقع التى باركتها العائلة المقدسة يشهدها المسيحيون والمسلمون فى كل الكنائس وخاصة فى كوم ماريا بدير أبو حنس والمعادى وسخا وسمنود ودير القديسة دميانة وحارة زويلة وجبل الطير ودير الجرنوس ومسطرد وتستمر الاحتفالات سبعة أيام من بداية يونيو بالكنيسة الكاثوليكية بالمطرية و 15 يوم بكنيسة العذراء بمسطرد تنتهى بتذكار تكريسها، ومن 19 إلى 28 يونيو احتفالًا كبيرًا بكنيستها بحارة زويلة.

وهناك تراث كنسى مرتبط بالرحلة ومنها قداس القديسة مريم المنسوب للأنبا قرياقوس أسقف البهنسا بمحافظة المنيا وقد ورد فى هذا القداس "أيتها العذراء ذكرى من يتذكر دون أن ينسى أحد، أيتها العذراء ذكريه "السيد المسيح" بميلاده الذى تم منك فى بيت لحم، أيتها العذراء ذكريه بهربه معك عندما هربت من مملكة إلى مملكة فى أيام هيرودس الملعون، أيتها العذراء ذكريه بالدموع السخينة التى انسكبت من عينيك وسقطت على وجه إبنك الحبيب، أيتها العذراء ذكريه بالجوع والعطش والفقر والحزن وكل الضيقات التى كابددتها معه، ذكريه بالرحمة لا بالهلاك، ذكريه بالشفقة لا بالغضب" .