بعد دعوات ذبح الأضاحي خارج مصر| الإفتاء تحذر من عمليات نصب.. وكريمة: تعطيل للشعائر

ذبح الأضاحي خارج مصر
ذبح الأضاحي خارج مصر

سبق وأن أكد د. شوقي علام مفتي الجمهورية أنه يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر بل هو أمر مستحب حتى لو المضحي يعيش خارج البلاد وذلك قياسًا على أمر الزكاة والصدقات. وأكد المفتي على أولوية إرسال المصريين المقيمين خارج مصر بزكاة مالهم وأضاحيهم إلى المحتاجين داخل وطنهم الأم، مشددًا على أن لذلك أفضلية وأولوية وأن مصر وأهلها أولى بمساعدة مواطنيها وأبنائها.

إلا أن الملفت ومع اقتراب عيد الأضحى هو انتشارَ العديد من الدعوات على منصات التواصل الاجتماعي التي تدعو المصريين إلى ذبح أضاحي عيد الأضحى المبارك في عدد من الدول الأفريقية من خلال بعض الجمعيات المجهولة بدعوى رخص ثمنها عن الأضاحي في مصر.

اقرأ أيضا|الطب البيطري يوجه رسائل للمواطنين بشأن ذبح الأضاحي

رصدت دار الإفتاء ذلك وأكَّدت أنَّ انتشار مثل هذه الجمعيات المجهولة أصبح يمثل ظاهرة خطيرة في ظل غياب الرقابة عليها، بما يجعلها مثار شبهات، خاصةً مع وصول العديد من الشكاوى للدار عن عمليات نَصَب تمت تحت اسم ذبح الأضاحي والعقائق أو حفر الآبار، وهو ما تمَّ إثباته من قِبل عدد ممَّن تعرضوا للنَّصْب.

وأوضحت أن الأضحية سُنَّة مؤكَّدة في حقِّ مَن يستطيع، وأمَّا مَن لا يستطيع القيام بها فإنها تسقط عنه بالعجز عنها وعدم القدرة، فلم يعد الأمر في حقِّه سُنَّة، ومن ثَمَّ فلا يلزم مَن لا يستطيع الأضحية في بلده أن يوكِّل مَن يذبح عنه في بعض الدول الإفريقية التي ترخص فيها أسعار الماشية، لأن أداء شعيرة الأضحية مرتبط بالقدرة والاستطاعة.   

كما بيَّنتِ الدارُ أنَّ مثل هذه الجمعيات قد يشوبها عدم الالتزام بالمعايير الشرعية التي يجب توافرها في الأضحية وعملية الذبح أو التوزيع غير العادل؛ ممَّا لا يتم معه تحقيق الكفاية للفقراء والمساكين والمحتاجين، فضلًا عن نقص عمليات الرصد والتقييم لمعرفة الاحتياجات الحقيقية للمناطق المستفيدة؛ وبالتالي توجيه المساعدات للأماكن غير الصحيحة.

وطالبت المصريين بعدم الانسياق وراء هذه الدعوات التي تعد فرصة لنهب أموال من يرغبون في أداء شعيرة الأضحية وفعل الخيرات، مؤكدة أن من يستطيع الأضحية في بلاده هو من عليه أداؤها، والأقربون أَولى بالمعروف، وهناك العديد من الفقراء والمحتاجين في مصر، مما يجعلها فرصة عظيمة للتكافل الاجتماعي بين أبناء الوطن.

وأكد الدكتور أحمد كريمة أن توجيه الأضاحي لجمعيات في أفريقيا أو أشخاص لتذبح بدلا من مصر "خطأ" فالأفضل والأولى أن تكون داخل مصر لنفع الناس، وإذا كان البعض ينظر لرخص الأشياء "الأضاحي" أو "الذبائح" فهذا لا يصح لأننا نحرم البلاد "مصر" من شعائر الله والله يقول: "ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب"، ودفع المفاسد مقدم على جلب المصالح، بمعنى أن تكون الأضاحى غالية لكن ينتفع الناس بها في مصر، مقدم على أن نحقق مصلحة الحصول على أضحية أرخص خارج مصر.

ويؤكد أنه لو فتح هذا الباب سيكون أمر الشرع مهجورا وهذا من أعظم المفاسد، فالأولى أن تذبح في مصر وينتفع الناس بها.

ويشير الشيخ عبد التواب قطب وكيل الأزهر الأسبق إلى أن  العمل  جرى على مر العصور بذبح  الذبائح وتشمل العقيقة والأضحية والنذر إن كان يتضمن ذبح شاة  في بلد القائم بالعقيقة أو الأضحية أو النذر وعدم نقلها إلى غيره من البلدان، فذبحها في بلد ووطن القائم بها أولى من ذبحه  ببلد آخر لتحقيق المقصود منها وهو انتفاع الناس وإشاعة المحبة وتأكيد الروابط المجتمعية ومواساة المحتاجين.

ويوضح أنَّ أهل كل بلد وفقراءها أولى بذبيحتهم من حيث الأصل يضاف إلى ذلك ما فيه من رعايةِ حقِّ الجوار؛ إذ النصوص الشرعية متواترة في الدلالة على عِظَم حقِّ الجار واستحباب تعاهده بالخير؛ من ذلك قول الله تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾  وأنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ"، ولا يجب أن يكون رخص ثمن الأضاحي خارج مصر مبررا لاتجاه الناس إلى بلدان أخرى ولا يجوز ذلك إلا بعد كفاية حاجة أهل البلد مثلما هو الحال في لحوم الهدي التي يتم نقلها من بلد المشاعر إلى الدول الفقيرة للانتفاع بها بدل من التلف.