إنها مصر

كرم جبر يكتب: كيف تفكر أمريكا؟

كرم جبر
كرم جبر

الخطر فى «الكهوف»، وليس «النجوم»، هكذا اكتشفت أمريكا، وكانت الحقيقة الصادمة بعد أحداث11 سبتمبر2001، عندما نجح أعضاء تنظيم القاعدة فى تحويل الطائرات المدنية إلى أسلحة فتاكة أقوى من الصواريخ، وفى هدم برجى التجارة، وتهديد أمريكا نفسها بالدمار.

كانت أمريكا تجهز نفسها قبل ذلك لحرب النجوم، وإذا أردت أن تعرف كيف تفكر أمريكا شاهد أفلام هوليوود، التى أنتجت أفلاماً بالمليارات حول الحرب مع الكائنات الفضائية، وكانت صدمتها الكبرى فى عقول الإرهابيين التى تدربت فى الكهوف.

أعادت أمريكا ملفات حرب النجوم إلى الأدراج، واستبدلتها بخطط لإعادة تقسيم الشرق الأوسط، واختارت «سايكس بيكو دينية»، بإيقاظ ما أسموه «الصحوات الدينية»، بإعادة إحياء ميليشيات مسلحة تحارب بعضها البعض، وتدمر دولها بالفناء الذاتى.

وأصبح الشرق الأوسط هو مصدر الخطر رقم واحد للأمن القومى الأمريكى، متقدماً على الصين وكوريا الشمالية وروسيا، وتنفيذ الخطط السرية والعلنية لمطاردة من تجرأوا على القوة العظمى، وتفكيك دولهم وتشريد شعوبهم، وجعلهم عبرة وعظة.

وأخطر شىء هو أن يتحكم المنتقمون فى مصائر الدول، وينصبون أنفسهم أصحاب الاستراتيجيات والنظريات، وهذا ما فعله بعض المسئولين الأمريكيين، مثل كونداليزا وكولن باول وبوش الابن ومساعديهم، عندما غلفوا غزو المنطقة بشعارات سياسية أحياناً، ودينية وفلسفية، علاوة على أكذوبة الديمقراطية وحقوق الإنسان .

وقالوا: سوف تهب نسائم جنة الديمقراطية على دول الربيع العربى، فكانت لفحات من نار جهنم، مصحوبة بحروب أهلية، وتفكيك للجيوش الوطنية، وانتشار الرعب والخوف.

وطبقوا نظرية «لماذا نقتلهم إذا كانوا يقتلون أنفسهم؟»، بعد أن حددوا أدوات الدمار الشامل فى عنصرين: الجماعات الإرهابية المتعطشة للسلطة والدماء، وشباب يتم تدريبهم وتجنيدهم فى الغرب وهم المعروفون بالنشطاء، وقررت أمريكا أن تذيق دول وشعوب المنطقة من كئوس النار، الإرهاب الذى حاول تحطيم إمبراطوريتها مستخدماً طائرات مدنية.

واختاروا أولاً ثلاث دول أطلقوا عليها «مثلث الشيطان»، هى أفغانستان والعراق وإيران، دمروا أفغانستان وتركوها حطاماً بعد 20 سنة من الاحتلال، وقضوا على صدام حسين، وبقيت إيران لغزاً فى السياسة الأمريكية بين العداء الشكلى والود الخفى.

اضرب سوريا وفككها، واصنع داعش ومعها جماعات دينية متحاربة تظل تتقاتل حتى تستنزف كل شىء، وهو نفس السيناريو فى اليمن وليبيا، وأى دولة أخرى يمكن أن تشتعل فيها حروب أهلية تحت أى مسميات.

وكانت مصر أيضاً مدرجة على «جدول النار»، وأطلقوا عليها الثمرة الكبرى، أو المكافأة العظيمة لربيعهم الدامى، وفشلت المؤامرات الكبرى لتفكيك مصر وتقسيمها وتشريد شعبها، وكانت يد الله فوق أيديهم، وحفظ الله مصر وأهلها.

فلنحافظ على بلدنا المحاط بحدود مشتعلة من كل جانب، فما يزال مستهدفاً بسيناريوهات مختلفة، وما يحدث فى غزة أقوى دليل.