وجع قلب

حكايا العيد

هبة عمر
هبة عمر

تأتى الأعياد أحيانًا مثل فرصة لعقد هدنة مع صخب الحياة ومحاولة الفوز بقليل من الهدوء والعودة الى دفء التواصل مع الأهل والأصدقاء، وتبقى الحقيقة التى يفرضها واقع الحياة المعاصرة هى الشعور بالاختلاف الواضح بين الأعياد زمان والآن، وهو يختلف أيضًا بين المدينة والقرية، فقد تغيرت التقاليد والأعراف التى اشتهرت بها الأعياد تغيرًا كبيرًا وتأثرت بتغير الحالة الاقتصادية والمزاجية لدى المصريين حتى أصبحت حكايا العيد للصغار تجتر ذكريات بهجة العيد فى الزمن الماضى وتروى تفاصيله المحفورة فى الذاكرة.

كان اجتماع الأسرة والعائلة فى البيت الكبير  من تقاليد العيد التى يلتزم بها الجميع ، والالتفاف حول الكبار من الأجداد والجدات فريضة واجبة، وكانت زيارة بيوت العمات والخالات لإلقاء تحية العيد تقليدًا متبعًا، أما حلوى العيد من الكعك وتوابعه فقد كانت لها طقوس تستعد لها البيوت مبكرًا وتجتمع من أجلها نساء العائلة وأطفالها لصنعها من خيرات البيت، وتفوح روائحها فى الأرجاء لتصنع رائحة مُميزة للعيد ، ويتبادل الأهل والأقارب والجيران ماصنعته أيدى الأمهات الماهرات، لتقوية أواصر الود والمحبة.

تغير ما كان فى زمن مضى من تقاليد العيد، وأصبحت العودة للجذور فى البيوت الكبيرة أمرًا ثانويًا، مع إرتفاع تكاليف السفر والانتقالات، إذ فضلت الأجيال الجديدة من الشباب استغلال إجازة العيد للسفر مع الأصدقاء بعيدًا عن العائلة، وفضلت الأسر شراء احتياجاتها من حلوى العيد جاهزة من المحال التجارية، رغم الارتفاع الكبير فى أسعارها، وحلت الاتصالات الهاتفية مكان الزيارات العائلية، وتحكمت الحالة الاقتصادية مع تراجع قيمة العملة فى قدرة العائلات على لم شملها فى الأعياد، ومازلنا نملك الحنين لبهجة العيد وحكاياته الطريفة التى كانت فى أيام الطفولة والصبا ونتمنى أن يشعر بها الأبناء والأحفاد مثلنا.