.. والذكرى تنفع المصريين 

أحمد الخطيب
أحمد الخطيب

عشر سنوات ويزيد مرّت على خلع تنظيم الإرهاب الإخوانى الذى استولى على حكم الدولة المصرية بقوة السلاح فى غفلة من الوعى. لعلها كانت منحة إلهيه لتكشف هذه العصابة الإخوانية إنسانياً وسياسياً وتنظيمياً.

عملية «الإجلاء المصرية» للمحتل الغاصب كانت مدعومة بعوامل القوة المادية الخشنة الشرعية المحتكرة للقوة بنص الدستور ممثلة فى مؤسسات الجيش والشرطة والقضاء.  

لم تكن تلك المؤسسات يوما ما طائفية أو مذهبية أو جهوية وذلك بفضل من الله على مصر التى يُحبها وميّزها بتجلى ذاته العظيمة على ارضها التى أشرقت بنور ربها. والا لوقعت الكارثة لا قدر الله. تخيل لو أن تلك المؤسسات القديرة قد ارتضت لنفسها أن تتحول إلى ميليشيات يمكن أن تُستخدم تنظيميا ضد أبناء الشعب المصرى . ذلك الأمر الذى لم يحدث ولم يكن ليحدث بعد ان ترسخت داخل الذهنية العامة لتلك المؤسسات عقيدة الدولة المصرية الوطنية.

لم يمر ذلك التوحد بين المصريين ومؤسساتهم مرور الكرام . لقد قُوبل بإرهابى غير مسبوق لا تتحمله أى دولة بعد أن أطلق التنظيم كامل ترسانته المسلحة صوب قلب الدولة المصرية على مرأى ومسمع من الانسانية جمعاء . لكن مصر الأبية وبقوة وعزيمة وطنيتها وحضارتها رفضت الانكسار امام هذا الطوفان فقدمت ثمنا فادحا دفعته من ارواح الآلاف من شهدائها جيشاً وشعباً وشرطة.

بالدماء الذكية كتبت سطور وتفاصيل معركة «جلاء الاخوان» . وبحق تلك الدماء لا ينبغى أبدا ان ننسى أو نتوقف عن المقاومة. النسيان خيانة والتخاذل خيانة.

على مدار السنوات العشر لم تترك الدولة المصرية دماء الشهداء فريسة للنسيان أو للتناسى والهروب من المسئوليات . فى كل مناسبة وفى كل موقف كان الوفاء المصرى لتلك الدماء حاضرا بقوة دامغة تدفعها وتجددها وتضمن استمرارها إرادة رئاسية مباشره .

فى ظل وطأة المعاناه اليوميه لظروف المعيشة. لينظر كل مصرى ما قدمت يداه مقارنة بمن جادوا بارواحهم من اجل هذا الوطن . أى معاناة واى اثمان تضاهى قيمة تلك الأرواح ؟ 

اى معاناه تضاهى احزان من فقد الابن أو الاب أو الزوج، ولازال قابضا على جمر وطنيته وإيمانه واعتزازه بوطنه .. اى آلام تضاهى آلامهم؟ 

فى كل موقف وفى كل مناسبة يظهر رئيس الدولة بنفسه ومن حوله أسر وعائلات شهداء الوطن. يظهر الرئيس مُحاطا بأمهات عظيمات فقدن الأبناء .

وزوجات ثابتات فقدن ازواجهن . وأطفال فقدوا آباءهم .. لكنهم أبدا لم يفقدوا إيمانهم بوطنهم الذى لازال مُصّرا بقوة الإرادة الرئاسية أن يعترف لهؤلاء الشهداء بفضل تضحياتهم بأرواحهم التى دفعت من اجل شرف هذا الوطن .

ليست حالة احتفالية مؤقتة بل ترسيخ لثقافة جديدة. إضافة لمكون جديد فى مفهوم الوطنية المصرية على مستوى الفرد والدولة.

العرفان بجميل الشهداء. الاعتراف بحقهم تجاوز مرحلة «الشعارات» إلى مرحلة «الاستحقاق الإنسانى والأدبى والمادي» لأسرهم وذويهم وأبنائهم.
بقوة الاراده المصرية للدولة ورئيسها ومؤسساتها وشعبها قررت مصر ألا تتحول سير الشهداء إلى «حكايات» وذكريات ربما يطويها الزمن . لقد قررت مصر أن تتحول حقوقهم إلى أمانة ووديعة متجددة فى عنق الدولة المصرية. نتولى مسئولياتها جميعا جيلا بعد جيل. قررت مصر أن تستمد من روح الآية القرآنية «أحياء عند ربهم يرزقون « وحياً دستورياً وفريضة وطنية تحول دون امكانية النسيان أو التناسى.

قررت مصر الارتقاء بحقوق من جادوا بأرواحهم من مرتبة «السنة الوطنية» إلى مرحلة «الفريضة المصرية».