فى الشارع المصري

وبالوالدين إحسانا

مجدى حجازى
مجدى حجازى

إذا كان «بِرُّ الوالدَيْنِ» من أعظمِ حقوق العباد التى أمر الله عز وجل برعايتها، فإن الله جل فى علاه جعل «بِر الوالدَيْنِ» فى المرتبة التى تلى «حقه سبحانه فى التوحيد»، قال الله تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً﴾ «الإسراء:23»، وقد أمر الله سبحانه بالإحسان إلى الوالدين، وقرن هذا الأمر بالأمر بعبادته والنهى عن الإشراك به، ليدلل على عظمته ومكانته، قال الله تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ «النساء:36»، قال ابن كثير: «أمر تبارك وتعالى بعبادته وحده لا شريك له؛ فإنه هو الخالق الرازق المنعم المتفضل على خلقه فى جميع الآنات والحالات، فهو المستحق منهم أن يوحدوه، ولا يشركوا به شيئاً من مخلوقاته، ثم أوصى بالإحسان إلى الوالدين».

عن أبى هريرة  أن النبى  قال: (رغم أنفه -أى لصق بالتراب كناية عن الذل والمهانة- ثم رغم أنفُه، ثم رغم أنفُه، قيل: مَن يا رسول الله؟، قال: من أدرك والديه عند الكبر، أحدَهما أو كليهما، ثم لم يدخل الجنة) «رواه مسلم».. وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: (جاء رجل إلى رسول الله ، فقال: من أحق الناس بحسن صَحابتى؟ قال: أمُّك، قال: ثم من؟ قال: أمك؟ قال: ثم من؟ قال: أمُّك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.) «رواه مسلم».. كما أن من أكرمه الله بحياة والده فقد فتح له باباً عظيمًا إلى الجنة، وذلك ببره والإحسان إليه، فعن أبى الدرداء  أن النبى  قال: (الوالدُ أوسطُ أبواب الجنة، فإن شئتَ فحافظ ْعلى الباب أو ضيِّعْ» (رواه الترمذى وصححه الألبانى».

إن «بر الوالدين» من أعظم الأعمال الصالحة التى تعد سببًا فى تفريج الكربات، فنجده متجليًا فى حديث الثلاثة الذين آواهم المبيتُ إلى غارٍ فدخلوه، فانحدرت صخرةٌ من الجبل، فسدتْ عليهمُ الغار، فقالوا: إنه لا ينجيكمْ من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، قال رجلٌ منهم: (اللهم إنه كان لى أبوان شيخان كبيران، وكنتُ لا أغبقُ «لا أقدم» قبلهما أهلاً ولا مالاً، فنأى بى طلبُ الشجر يوماً، فلم أرح عليهما حتى ناما، فحلبتُ لهما غبوقهما، فوجدْتُهما نائمين، فكرهت أن أوقظهما وأن أغبق قبلهما أهلاً أو ولدًا، فلبثتُ والقدحُ على يدى أنتظر استيقاظهما حتى بَرِقَ الفجرُ، والصبيةُ يتضاغون «يصيحون من الجوع»عند قدمى، فاستيقظا فشربا غبوقهما، اللهم إن كنت فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك ففرِّج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجت شيئاً ..) «رواه البخارى».

وقد اقترب شهر رمضان الكريم من انتصافه، فلنحاول السعى لمزيد من التدبر فيما تبقى منه فى فعل الأعمال الصالحات، حتى نكون إلى الله أقرب..

ولنثق بالله ونكثر من الدعاء والاستغفار والذكر والصلاة على نبينا محمد  حتى ييسر الله لنا سبل الخلاص من آلامنا وعثراتنا.. ولندعُ الله، بأن يحفظ مصرنا الغالية، ويقينا شرور الأعداء والحاقدين.. ولندعُ الله، بأن يحفظ شعب فلسطين وينصره على غطرسة الكيان المحتل وحلفائه، ويقيه شرورهم، وينصره فى مقاومة هذا الكيان إحقاقًا للعدل.. واللهم تقبل صيامنا وقيامنا فى رمضان. 

حفظ الله المحروسة شعبًا وقيادة، والله غالب على أمره..

وتحيا مصر.