خيري عاطف يكتب: الإخوان أفضل من محامي إسرائيل

خيري عاطف
خيري عاطف

هل ما حدث قبل ظهور الفريق الإسرائيلى أمام محكمة العدل الدولية فى لاهاي صدفة؟

سيل من الأخبار الكاذبة، والتقارير المضللة، والمقالات المزورة، تجتاح المواقع الإخبارية الإخوانية والتى تفيد بأن السلطات المصرية هى من تمنع عبور المساعدات الإنسانية من الجانب المصرى الى الجانب الفلسطينى عبر معبر غزة، ورغم ان تلك الأقاويل المزيفة ترددها الجماعة الإرهابية منذ اللحظات الأولى للحرب، الإ ان هذا اليوم وتحديدًا قبل جلسة الإستماع الى فريق الدفاع الاسرائيلى شهد موجة عاتية وغير معتادة الكثافة من الإشاعة الإخوانية المسعورة.

ويبدو أن المحامى البريطاني مالكوم شو، الذى ظهر ضمن فريق الدفاع الاسرائيلى وهو مرتبكًا، مهزوزًا، مشوشًا، لم يجد افضل من لسان وحجة الإخوان للدفاع عن دولة الإحتلال، مشيرًا الى اسرائيل كانت حريصة على ايصال المساعدات الإنسانية الى سكان قطاع غزة من المدنيين، الإ ان السلطات المصرية كانت تمنع ذلك، وكأن السيناريو الذى نسجه الإخوان ومن على شاكلتهم سابقًا، ونطق به المحامى البريطانى الإسرائيلى فى محكمة العدل الدولية متفقًا عليه، خاصة وان الحملة الإخوانية المسعورة انتقلت من المواقع الرسمية التابعة لهم، الى لجانهم عبر مواقع التواصل الإجتماعى خاصة الفيس بوك، تويتر، والتليجرام، بالتزامن مع ظهور فريق الدفاع الإسرائيلى، ولتستمر لساعات بعد جلسة المحاكمة عبر "هاشتاجات" دفاعًا عن المزاعم الاسرائيلية لكن بلهجة عربية وليست عبرية.

وإن كان السيناريو الاسرائيلي الذى تم التحضير له قبل جلسة الإستماع بإيام صادقًا من وجهة نظر الإخوان والفريق التابع لهم صادقًا، فهل هذا يعنى ان اسرائيل كانت صادقه فى كل ما قالته، خاصة وأن ما زعمته اسرائيل برفض السلطات المصرية ايصال المساعدات الى قطاع غزة عبر معبر رفح، لم يكن الا "ترس" من ضمن "تروس" تابعة لماكينة اكاذيب انطلقت أمام محكمة العدل، وتناقلتها الشاشات والصحف العالمية.
هل يُقر الإخوان ومن على شاكلتهم ان الحرب التى تخوضها اسرائيل فى غزة، هى حربًا فُرضت عليها؟
هل يُقر الإخوان ومن على شاكلتهم ان اسرائيل تدافع عن نفسها فى ظل التهديد الوجودى الذى يُشكله مقاتلى حماس؟

هل يُقر الإخوان ومن على شاكلتهم انها تفعل كل هذا من أجل إطلاق سراح 136 رهينة مازالوا محتجزين لدى غزة؟

هل يُقر الإخوان ومن على شاكلتهم ان الحرب التى تشنها على قطاع غزة ليس الهدف منها الإبادة العرقية؟

هل يُقر الإخوان ومن على شاكلتهم ان المعاناة الإنسانية والمفجعة التى يعيشها اهل غزة تشبه معاناة المدنيين الاسرائيليين، وهو الحال الذى ينطبق على المدنيين فى كل الحروب؟

هل يُقر الإخوان ومن على شاكلتهم ان المطالبة بإيقاف الحرب على غزة يعنى حرمان إسرائيل من قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه الدفاع عن مواطنيها والرهائن وأكثر من 110 الف نازح إسرائيلي غير قادرين على العودة بأمان إلى منازلهم؟

هل يُقر الإخوان ومن على شاكلتهم، بأن اسرائيل تسعى للقصاص من اجل 1200 شخص قتلوا خلافً عن أسر حوالي 250 آخرين؟

هل يُقر الإخوان ومن على شاكلتهم ان اسرائيل تحاول تخفيف الضغط وحماية سكان غزة بأنها تُرسل اليهم التوجيهات بالإبتعاد عن الأماكن المستهدفه قبل قصفها؟

هل يُقر الإخوان ومن على شاكلتهم ان حركة الجهاد هى من قامت بقصف مستشفى غزة والتى راح ضحيتها اكثر من 500 قتيل، مثلما ادعى المسئولين الاسرائيليين وقتها مستندين الى فيديوهات تم بثها فى كافة المواقع والصحف التابعة لهم؟

هل يُقر الإخوان ومن على شاكلتهم بما قالته تسيبى هوتوفلي سفيرة اسرائيل لدى بريطانيا، بأن كل مدرسة وكل مسجد، وكل منزل لديه امكانية الوصول الى انفاق حماس، وبالتالى كل هذه الابنية تشكل خطرًا على اسرائيل، وعندما سًئلت عما اذا كانت هذه دعوة لتدمير غزة بأكملها قالت، "وهل لديكم حل اخر؟".

وأن كانت اسرائيل صادقه فى كل ما تقوله عن منع مصر وصول المساعدات الى غزة، فلماذا لم لم يُعلق الإخوان على تصريحات المسئوليين الاسرائيليين أنفسهم والتى تؤكد وتجزم انهم حاولوا بشتى الطرق منع المساعدات ومنها ما قاله اسرائيل كاتس، وزير الطاقة الإسرائيلى بأن اسرائيل هى المسئولة عن ادارة الجانب الفلسطينى من المعبر، وان بلاده لن تسمح بدخول الموارد الإساسية أو المساعدات الإنسانية الى غزة، حتى تطلق حماس سراح الرهائن الذين أسرتهم، كما ان اسرائيل لن تسمح بتشغيل مفتاح كهربائى ولن يتم فتح صنبور مياة ولن تدخل شاحنة وقود حتى يعود المختطفون الإسرائيليون الى ديارهم.

وهو ما أكده مارك ريجيف مستشار نتنياهو بأن تل أبيب لن تسمح بدخول الوقود الى قطاع غزة حتى لو تم إخلاء جميع المحتجزين، متهمًا حركة حماس بالإستيلاء على المساعدات القادمة من مصر الى اهالى غزة.
ايضًا ايلون ليفى، المتحدث بإسم الحكومة الاسرائيلية أكد هو الاخر ان تل ابيب لن تسمح بدخول المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح، مالم تفرج الفصائل الفلسطينية عن كافة الرهائن الاسرائيلين.

المدهش هى حالة الحماسة الإخوانية وهم يرددون الأكاذيبهم المتسقه مع الإتهامات الإسرائيلية بغشم يخجل منه ابليس نفسه، رغم ان المعبر مفتوح، منذ القرار المصرى الخالص بالوقوف بجانب اهالى غزة، وكانت الضربة الأولى عندما اشترطت مصر على اسرائيل دخول المساعدات مقابل خروج الاسرائيليين المجنسين عبر معبر رفح، ومن حينها ومصر تضخ بالاف من الحافلات التى تحمل المساعدات الإنسانية لتستحوز على 75% لوحدها على حجم المساعدات الدولية التى تدخل الى قطاع غزة عبر الدولة المصرية.

مرة أخرى وتفنيدًا للأكاذيب الإخوانية الإسرائيلية، والتى فضحتها مصر أمام العالم أكثر من مرة، اولها فى التاسع والعشرين من اكتوبر الماضي، عندما طلبت مصر مع المحكمة الجنائية الدولية زيارة معبر رفح لتسجيل المعوقات الإسرائيلية امام دخول المساعدات، لتعترف الجنائية الدولية وتُقر ان اسرائيل تحاول بشتى الطرق منع المساعدات الإنسانية الى قطاع غزة، وظهر هذا فى تصريحات المدعى العام بالمحكمة الجنائية كريم خان، بأن معاناة الأطفال والنساء ولشيوخ والرجال فى غزة عميقة ولا ينبغى ان يكون هناك عائق أمام وصول امدادات الإغاثة الإنسانية الى المدنيين.

كما استضافت مصر الأمين العام للأمم المتحدة امام معبر رفح بعد القصف الإسرائيلى لمعبر رفح على الجانب الفلسطينى، خلافًا عن استضافة مصر للعديد من البعثات الدبلوماسية من كافة الدول والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية، ورؤساء حكومات امام العبر ليكونوا شاهدين على الإنتهاكات والمساعدات العالقة.

أمريكا نفسها وعلى لسان بايدن ووزير خارجيته انتونى بلينكن طالبا من اسرائيل أكثر من مرة بإدخال المزيد من المساعدات.

الغريب، أن الإخوان لم يهاجموا تصريحاً واحداً من التصريحات الاسرائيلية امام محكمة العدل الدولية، ولم يدافعوا دفاعًا واحدًا عن معاناة الفلسطنيين من الإحتلال أو الإبادة الجماعية التى يعانى منها سكان عزة، بقدر ما هاجوا مصر كذبًا وزورًا.

بدت جماعة الإخوان كما اسرائيل تمامًا، جسداً واحدًا لكن بلسانين مختلفين، أحدهما يتحدث بالعربية والأخر بالعبرية.