وجع قلب

مصر التى لا يعرفونها

هبة عمر
هبة عمر

لم تناصر دولة فى محيطنا العربى قضية فلسطين كما ناصرتها مصر، ولم يتكبد أحدا  ثمنا فادحا كالذى تكبدته مصر من دماء وأرواح شعبها وأعباء أرهقت اقتصادها وأمنها، حتى إعلان التطبيع مع إسرائيل ورفع شعارات السلام ظل عملا سياسيا تلتزم به نظم الحكم، أما الشعب المصرى المحب للسلام بطبيعته وتاريخه فقد ظل على يقين أن إسرائيل هى العدو طالما ظل إحتلالها لأراض عربية، وطالما ظل سعيها المستمر للقضاء على الشعب الفلسطينى بالقتل والتهجير وكل أشكال العنف، حتى أنه امتلك القدرة على مقاطعة سلع وبضائع دول تناصر إسرائيل وإستبدالها بسلع مصرية حتى لو كانت أقل جودة، ورغم المعاناة من ظروف إقتصادية خانقة مازالت التبرعات والمساعدات لأهل غزة تتدفق من المصريين ومؤسساتهم وشركاتهم، ومازالت القلوب والحناجر تبتهل إلى الله لإنقاذها من المحنة.

بعض من يهاجمون مصر لأسباب شتى لايمتلكون القدرة على تحمل بعض مما تحملته ومازالت تتحمله، ولا يدركون أن معدن المصرى الأصيل يصعب تزييفه أو تغيير هويته وإنتماؤه، أو فرض محبة «إسرائيل» عليه بدعوى «حب السلام»، مثلما فعلت دولا أخري، صحيح أن التعامل معها وفقا لحسابات  إقليمية ودولية قد يكون ممكنا، ولكن تعامل الشعوب له حسابات أخرى لا علاقة لها بالسياسة ولا الاقتصاد، ولكنها مبنية على أساس فهم وشعور طبيعى وإنسانى يمتلكه المصريون ربما أكثر من غيرهم.

مصر التى لا يعرفها هؤلاء فتحت قلبها لإخوة من سوريا والسودان واليمن وقبلهم إخوة من العراق والكويت وفلسطين حين ألمت بهم المحن، وأصبحوا جزءا من نسيجها وبعض أهلها، وهى تحرص على السلام الحقيقى والجاد ولكنها ترفض خلق وطن بديل عن فلسطين على أرض سيناء كما تريد إسرائيل ومن يناصرونها، وبعضهم للأسف كنا نظنهم بعضا منا، فالمقايضة على أرض مصر مرفوضة رفضا قاطعا، وكل من يتخذ موقفا يناصر عدوان إسرائيل الهمجى على أهل غزه يصبح «منهم» وليس «منا» ويتجرد من إنسانيته وما أبخسه من تجرد.