كل يوم

رسالة من غزة «حكاية ليان»

أمنية حسنى كُريم
أمنية حسنى كُريم

أنا ليان.. لا أعرف ماذا حدث لأهلى ..كما أن هذا هو اسم حركى ..نشأت فى غزة حيث ضجيج الحرب لا ينتهى .. لا أعرف سوى أمى الجديدة تلك وأبى .رغم أننى لم أكمل الثلاث سنوات من عمرى لكنى صرت أعى وحدى معنى الموت..كلما سمعت صوت طائرة أو رأيت شيئًا يلمع فى السماء.. أجرى على حضن أمى وأنا أصيح «ماما.. موت» تتسع عيناها من الدهشة متسائلة» من وين ماما عرفتى هالكلام؟» ..تلصقنى بحضنها لأهدأ .الأمان بالنسبة لى هو ذلك صدرها الحنون الذى أرضعنى رغم أنى لم أُخلق فى رحمها.


ظلت أمى تسعى وراء حلم الكفالة لثلاث سنوات كاملة..كان لقاؤنا الأول وعمرى ٨ أشهر فى دار لكريمى النسب.. تعلقت قلوبنا ببعضنا البعض فورًا .. فى أول يوم لوصولى استقبلتنى عائلتى بفرحة وحفل ضخم وكأن هذا يوم مولدى ..يالسعادتي.. بعدها ظهر فى السماء وهج جميل.. ..سمعت أحدهم يصرخ «إسرائيل أطلقت علينا الصواريخ « ..قفزت فرحًا بهذه الألعاب الجميلة ..ولكن وللغرابة سمعت دويا مرعبا ..فبكيت صارخة.. واحتشدت الوجوه الفزعة تجرنى بعيدًا عن النوافذ وأماكن الخطر..فهمت الحقيقة مبكرًا .. إسرائيل غاضبة ..لاتحبنا فهى من يهدم بيوتنا..تساءلت فى داخلى هل هم أيضًا من قتلوا أمى التى ولدتنى وأبي؟ تثور بداخلى الأسئلة حائرة.. أيظنون أن الأطفال لايعون مايحدث حولهم!؟ أنضجتنى ظروفى والحرب أعوام كثيرة مبكرة..


..تضمنى أمى الحبيبة وهى تبكى وترفع رأسها « ياربى معقولة أردت آخذها للحياة لتواجه فى بيتى الموت..أحميها يارب» تنظر إلى بعين باكية وتقول لي»يمكن مثل ماكانت البداية حلوة ولقاؤنا حلو تكون نهايتنا حلوة ونموت سوا على الأقل .. الآن إلك ماما وبابا وأنا إلى بنت»
أذوب فى حضنها الدافئ ..أحتمى فيه من صوت القنابل وأنا أدعو الله مثلها أن يحميها لى ويحمينى لها.أسال عروستي» أى التحديين على أن أواجه فكر المجتمع بكفالتى ..أم حماية نفسى وأسرتي؟»
أنا ليان ..حُكم على باليتم يوم مولدي.. وبعد أن ابتسم لى القدر وكفلتنى أسرتى بت أخشى طوال الوقت اليتم مرة ثانية ..فمن يحمى لى أمى وأبي؟
يا إسرائيل.. يا كل العالم ..اتركوا لى الأمل الأخير.. أمى وأبي!
وإن متنا..ظلوا احكوا عنا!