أنا وهو

نبوءة قصر السلطان

سيد على
سيد على

ماذا يمكن أن تفعل إذا صحوت من نومك فجأة على صوت من الماضى يناديك، يهمس فى أذنك أحيانا، ويصرخ فى وجهك أحيانا أخرى؟، ماذا ستفعل إذا تكرر المشهد ووجدت نفسك جزءا من الحكاية التى تطاردك أينما ذهبت، فى صحوك، فى نومك، فى بيتك، فى عملك؟، سؤال آخر: ماهو شعورك إذا كنت رجلا مهتما ومهووسا بالتاريخ والآثار، وتدرك أن ما يطاردك هى رسائل من الماضى ومشاهده تحمل صراعات داخل بلاط الحاكم، تتجسد أمامك وكأنك تركب آلة الزمن لتعود بك إلى أزمنة مر عليها أكثر من سبعة قرون؟.

هكذا تأخذنا الروائية مروى جوهر فى أحدث رواياتها «نبوءة قصر السلطان»، الصادرة عن دار دوّن للنشر، فى رحلة مملوءة بالرعب والغموض والتشويق وتفاصيل حياة عاشها آخرون فى زمن بعيد، وتتكرر أحداثها بكثير من التشابة مع حياتنا الآن، وكأن الزمن يرحل ويترك لنا تفاصيله تؤثر فينا وتصنع لنا حياة تتشابه مع حياة من سبقونا.

بالزمان والمكان بين عصرين تتنقل «مروى جوهر» بالأحداث، تقدم لنا قصة «حكيم» الباحث فى التاريخ والآثار فى عصرنا الحالى، وتعبر من خلالها إلى العصر المملوكى لتحكى لنا حياة «السلطان حسن»، ببراعة تمكنت من المزج بين التاريخ والأدب، وأن توظف الأدب لخدمة التاريخ بجذب القراء إلى أحداث حقيقية واقعية، ومنحها التاريخ الكثير من الأحداث والوقائع ساهمت فى إنتاج عمل روائى كبير، ورغم أن الكتابة التاريخية يكون المتخيل فيها محدودا، إلا أن «مروى» استطاعت أن تضفى الكثير من الخيال والإثارة الممتعة التى تجعل القارئ يشعر أنه يشارك فى مغامرة متفردة.

تشعر بين سطور الرواية بتأثر «مروى» البالغ بتجليات الروائى جمال الغيطانى، روحه حاضرة، وعن ذلك تقول: تأثرى كان ملموسا فى زياراتى لمساجد مصر المملوكية وباقى المنشآت المهمة كالخانقاوات، كما أننى أردد مثل الغيطانى «أقف فوق موضع من الأرض، وأسأل نفسى عمن مر فوقه، ومن عبره؟».
فى أول صفحة بالرواية ترسل لنا «مروى جوهر» نبوءتها على لسان قمارى - لا أحد يتعلم الدرس - وعلى كل منا أن يسأل نفسه، هل تعلمنا الدرس، من ماضينا، من التاريخ، من تجارب الآخرين، أم تتحقق نبوءة مروى جوهر؟.