إنها مصر

والله زمان !

كرم جبر
كرم جبر

رأيى الشخصى أن ما يميز مصر على مر التاريخ هو الزخم الثقافى والفنى الذى كان ينتظر ما يزيح عنه الصدأ، فى القرى والنجوع والمدن، وهو ما بدأ بالفعل فى المشروعات الضخمة للشركة المتحدة، وسوف يؤتى ثماره بمرور الوقت لاسترجاع المكونات الفنية والثقافية بمختلف روافدها.

أى يد تمتد لإحياء القوة الناعمة المصرية تستحق الدعم والمساندة، وأى جهود إيجابية لاستعادة التميز الفنى والثقافى تستحق التحية والتشجيع، فالمنظومة واحدة والدولة الجديدة التى يحاولون تصدير صور غير حقيقية عنها، هى التى أسست أكبر مدينة ثقافية فى المنطقة وربما العالم ومقرها العاصمة الإدارية الجديدة، لتبدأ إطلاق الإبداعات المصرية المعبرة.

فى فترات الازدهار "تصدرت المشهد" الثقافة والفنون المصرية الأصيلة، وتلاشت الصور الهابطة فى زوايا بعيدة، وذابت واختفت وسط التدفق الإبداعى الكبير فلم تشغل بالاً.

نتمنى أن تعكس الفنون المصرية الأصيلة حالة الاستفاقة التى تعيشها البلاد، ولا سبيل لعبور عنق الزجاجة، إلا بنهضة ثقافية وفنية وإمساك الدفة واكتشاف أيدٍ متوضأة بالوطنية والإبداع الحقيقى.

عشنا فترة منذ السبعينات كانت الشركات الاحتكارية تتعاقد مع كبار مطربينا بالملايين، ليس من أجل أن يغنوا ولكن ليمتنعوا عن الغناء فتختفى المواهب أولا بأول، فاتسع الفراغ ووصلنا إلى حالة من الجفاف.

الفراغ كان محرضا لتيارات التطرف التى امتدت شرارتها، لتصرف العقول والقلوب عن القيم الجمالية التى تسمو بالمشاعر والسلوكيات، وتحجب إشراقات إبداعية خلاقة تبحث عن القيم الحقيقية وتسلط الأضواء عليها، فلا نتشاجر ولا نتناحر ولا نتشنج ولا ننحاز لما نقول ونُقصى الآخرين.

الثقافة والفنون الأصيلة هما الحراس الأمناء على الوعى والأخلاق والضمير، ولم يكن الإبداع يوماً عدواً للقيم ولم يكن الفن يوماً مصطدماً بالضمير أو مفرقاً بين الناس، ولكن يجمعهم جميعاً تحت مظلة التفاعل والجمال والتسامى والتسامح.

جوهر الموضوع هو التصدى لمحاولات تشويه الفن والثقافة المصرية وإظهارها فى صور متدنية بالشخوص والأزياء، والآن نحتاج إلقاء الضوء على الجوانب الإيجابية، عن النهضة الفنية والأوبرا العظيمة فى العاصمة الإدارية، والتى تستعد لتكون منارة الثقافة والفن فى المنطقة.

زمان، كانت هناك أفلام سينمائية، فيها عشرات المناظر السلبية ولكن لم يلتفت إليها أحد، لأن الزخم الإبداعى الهائل، كان يجرف أمامه الزبد فيذوب ويزول، ولا يحدث صخباً أو ضجيجاً.

ملء الفراغ لا يكون بالكلام والشعارات، وإنما باستعادة الفنون والثقافات الإبداعية التى تعكس ما يحدث فى مصر، وتعبر عن الواقع الحقيقى، فلا يهتم أحد بالنماذج "دون المستوى" التى يحاول البعض تصديرها، و.. والله زمان.