فى الصميم

حرب القمح تعود.. والفقراء يدفعون الثمن!

جلال عارف
جلال عارف

عاد الحديث عن «حرب القمح» بين روسيا والغرب بعد أن أعلنت موسكو وقف العمل بالاتفاق الذى سمح لأوكرانيا بتصدير القمح بأمان منذ يوليو الماضى ولعام كامل. وهو ما أدى إلى تهدئة السوق العالمى وعودة الأسعار لقرب معدلاتها.

وبينما واجهت روسيا الاتهامات الغربية بأنها ستتسبب فى مجاعة عالمية يعانى منها الملايين. كانت ترد على ذلك بأن صادرات أوكرانيا فى العام الماضى لم يذهب منها إلى الدول الفقيرة وأفريقيا وآسيا إلا ٣٠٪ من حجم الصادرات بينما ذهب الباقى إلى أوربا والغرب. وأنها هى التى تمد معظم دول أفريقيا وآسيا بجزء كبير من احتياجاتها، وأنها ستبحث مع الدول الأفريقية تقديم شحنات مجانية من القمح للدول التى لا تملك موارد للشراء.

القضية ـ فى كل الأحوال ـ مهمة للعالم. فالدولتان (روسيا وأوكرانيا) تصدران ربع حجم الصادرات العالمية من القمح (روسيا ١٧٪ وأوكرانيا ٨٪) وطوال العام الماضى كانت الخلافات تثور عند تجديد الاتفاق ثم تتم تسويتها ويستمر تدفق القمح بصورة معقولة. فلم تنخفض صادرات روسيا إلا ١٠٪ عوضتها بارتفاع الأسعار، ولم تواجه أوكرانيا عقبات كبيرة إلا مع أقرب الحلفاء مثل بولندا أو المجر وعدد آخر من دول أوربا التى منعت استيراد القمح الأوكرانى عبر الحدود بعد احتجاج الفلاحين عندها على منافسة الأوكرانيين للإنتاج المحلى(!!)

ولا توجد منافسة شديدة على التصدير بين البلدين المتحاربين، فالعالم يحتاج كامل إنتاجهما. لكن روسيا ظلت طوال العام الماضى تشكو من عدم تنفيذ الاتفاق فيما يتعلق بتقديم تسهيلات لصادراتها من القمح والأسمدة، ولم تتم الاستجابة لمطالبها حتى الآن. ورغم أن صادرات القمح الروسية لا تنطبق عليها العقوبات الغربية، إلا أن العقوبات تمنعها من التعامل مع شركات التأمين العالمية على شحنات القمح، وتحرمها من استخدام سفن من دول أخرى لنقل الحبوب، وتمنع التعامل مع البنك الروسى الذى يقوم بتمويل الزراعة، كما تمنع توريد الآلات الزراعية التى تحتاجها روسيا.

إذا كان الهدف هو توفير القمح لدول العالم وتجنب أزمة صعبة على الجميع، فإن التفاوض ممكن، والحلول سهلة وربما يكون من بينها إنشاء صندوق لدعم احتياجات الدول الفقيرة من القمح والمواد الغذائية الأساسية. لكن المشكلة أن التصعيد هو سيد الموقف الآن فى حرب أوكرانيا. وأن العالم يدفع الثمن لحرب يعرف الجميع أن أحداً لن ينتصر فيها، ومع ذلك يستمرون فى الحرب.. وفى التصعيد.