بدون أقنعة

مؤمن خليفة يكتب: حكايات رمزية

مؤمن خليفة
مؤمن خليفة

3 شخصيات علي خشبة المسرح و3 حكايات مختلفة يجمعهم سعى الثلاثة إلى التخلص من ما يدور بداخلهم.. الزمن غير معلوم والشخصيات غير معلومة .. تسمع حكاياتهم فقط ولا تعرفها ولا تستدل عليهم .. وطوال مدة العرض الذي يقترب من ساعة ونصف الساعة نشاهد حكاياتهم في رمزية مبهمة أقرب إلي مسرح العبث .. هذا هو ملخص مسرحية « قبل الخروج» تأليف محمد زناتي وإخراج هاني السيد .. ديكور وملابس محمد هاشم وموسيقي محمد قابيل وإضاءة أبو بكر الشريف وبطولة شريهان قطب ولمياء جعفر وأحمد صبري غباشي ومحمد عبد الوهاب وإبراهيم البيه وممدوح الميري وإيمان الغنيمي وعادل دياب .

مع بداية الدخول إلي قاعة مسرح أوبرا ملك برمسيس تلحظ مجموعة من الأقنعة تتوسط خشبة المسرح وعدة أقنعة أخري ورسومات صغيرة أسفل الخشبة مباشرة التي تكاد تخلو من أي قطع ديكور .. فضاء مسرحي مكشوف تستطيع أن تلمح من خلاله كل صغيرة وكبيرة .مع تواصل مشاهد العرض تكتشف أن المخرج قسم الخشبة إلي ثلاثة مستويات أولها استغلاله للدرج أسفل الخشبة ليضمها إلي الحدث والثاني قضيب القطار علي يمين الخشبة والثالث الرئيسي وهو ذكاء من المخرج هاني السيد الذي تخلص من مشكلة ضيق الخشبة وعدم استعدادها لاستقبال عدة ممثلين دفعة واحدة .المسرحية رمزية مبهمة كمعظم عروض مسرح العبث .. تقول كل شئ بينما لا شئ تفهمه .. هي أقرب إلي مسرحية « في انتظار جودو» لصمويل بيكيت الذي طرح سؤالا وتركه غامضا وهو هل يصل جودو ومتي؟!

الزمن غير مفهوم في هذا العرض والشخصيات لا تعرف بعضها فلا رابط بينهم  فالممثلة تؤدي دورا غير راضية عنه تماما وتظل طوال العرض تعترض علي سلطة المخرج الذي وضعها في غير مكانها وفي شخصية لا تحبها فهي ليس لها زوج ولا أطفال ولا حماة ولا شئ من هذا كله .والشخصية الأخري الفنان الذي يكاد أن يصل لمرحلة الجنون من سلطة الأب والثالثة التي تحمل صندوق ذكرياتها وتود العبور إلي الجانب الآخر بينما يمنعها عامل القطار الا بعد تفتيش الصندوق.باختصار العرض رائع والممثلون أدوا شخصياتهم بكفاءة والعرض يحسب للقائمين عليه ولمسرح الشباب بقيادة المخرج الشاب سامح بسيوني الذي نجح خلال سنوات قصيرة أن يحفر لنفسه اسما بين كبار المسرحيين. كل التحية لفريق العرض الذي لم يحيلنا إلي لحظة من الملل مع إيقاع سريع وموسيقي الشاب محمد قابيل الذي بذل جهدا كبيرا للتعبير عن الحالة المزاجية واستطاع أن يواكب لحظات الشخصيات التي تلهث للنهاية السعيدة.

مثل هذه العروض الرمزية تحتاج من المتفرج إلي الكثير من الجهد لفهمها ولا تلجأ إلي المباشرة الفجة وهذا يحسب للمؤلف الذي كتب نصه بتمعن وفهم لكل شخصية. 

عندما دعيت لحضور مسرحية «قبل الخروج» شغلني سؤال مهم عن اسم العرض ودلالته ولم أجد تفسيرا واضحا حتي شاهدتها ووجدت الإجابة ربما في رغبة شخصيات العرض في الخروج من عباءة الطاعة.