فيض الخاطر

حمدي رزق يكتب: واه يا عبد الودود

حمدي رزق
حمدي رزق

والصلاة جامعة والأنوار ساطعة، والناس فى غبطة العيد، تلح على ذاكرتي أغنية طيب الذكر «الشيخ إمام»، واه يا عبد الودود .. يا لليرابص ع الحدود ..

أتذكر كلماتها منغمة، بلكنتها الصعيدية، «أمك عتدعى ليك .. وعتسلم عليك .. وتقول بعد السلام : خليك ددع لابوك (جدع ) ..»

وأتذكر عبد الودود الشهم الجدع، واقف زنهار فى خدمة ليلية فى نقطة نائية على الحدود، قائمًا يحرس فى سبيل الله، جندا مجندة فى حب الوطن، رابصين رابضين، لا تغمض لهم عين..

لو تعلمون حجم التضحيات الجسام لقبّلتم الأرض من تحت أقدامهم، بطول الحدود وعرض البلاد، هناك جند مجندة من خيرة الأجناد، ينتظرون منكم الدعاء فى صلاة العيد.

ادعوا لهم صبيحة هذا اليوم المبارك، إنا استودعناهم أمانة، وسبحانك خير مؤتمن، سبحانك الصاحب والسند، تلهمهم صبرًا، وتؤتيهم عزمًا.

من لا يجول فى الصحراء القاحلة فى غرب البلاد، أو يخطو على خطوط التماس شرقا، أو يحترق بلهيب الصحراء جنوبا، لا يعرف حجم تضحيات هؤلاء السمر الشداد .

وحشة الصحراء المصرية، قفارها مكتوبة على جبين الرجال، فى المعسكرات والكتائب والنقاط الحدودية تروى الألسنة بطولات وكأنها أساطير، كل ضابط هنا وحده أسطورة، وكل جندى وحده بطولة، والعيون لا تنام، يتسابقون إلى الشهادة، كل مهمة يتسابق إليها الأسود فى شوق للشهادة، وكل عملية لها الموعودون.

عشت ليالى وأياما فى معية الأبطال، وسجلت شهادات، وكان من التقيته أمس، أودعه اليوم، مفكرتى الصغيرة لا تزال تحوى أسماء أحياء شهداء، أو شهداء أحياء، أعزهم الله بالشهادة وكتب لجيشنا النصر.

حزين على فراق الأحبة منهم، إن العين لتدمع والقلب ليحزن، مواكب الشهداء تتقاطع فى الكفور والقرى والمدن، وحزين على حالنا، نتلهى بالأعياد والأضاحى والاجتماعيات والحكايات.

نتلهى عنهم بتريندات عن بطولات هى أولى بالحكى، ننتحر اختلافًا وهم على قلب رجل واحد، مرابطون على الحدود، لا يلهيهم بيع أو تجارة عن وجه الوطن .