فوق الشوك

المشاركة فى الحوار الوطنى حق لكل مواطن

شريف رياض
شريف رياض

اختلف مع الأصوات والآراء التى تشكك فى جدوى الحوار الوطنى خاصة التى تعتبره «تمثيلية» لن تأتى بجديد وأن ما تريده الحكومة هو ما سينتهى إليه الحوار!! .

هذا افتراء على مبدأ الحوار واستباق لنتائجه بلا دليل.. العقل يقول إن الحوار يفتح بلاشك باب الأمل فى إحداث تغييرات ملحة فى الحياة السياسية والاقتصادية والمجتمعية بما يحقق الهدف الأساسى للحوار وهو الانتقال إلى الدولة الديمقراطية الحديثة..

ولن يتبين مدى صدق هذا القول إلا مع انتهاء الحوار وتقييم نتائجه أما أن نغلق الباب مسبقا ونقول «هذه تمثيلية» لاجدوى منها فهذا توجه غير محمود بلاشك لأننا إذا رفضنا الحوار فما البديل أمامنا للإصلاح؟.. إذن فلنتابع ونهتم ونشارك بالرأى ثم نقيم النتائج..

والمشاركة هنا مهمة جداً خاصة أن الحوار ليس قاصراً على فئة أو أشخاص بعينهم وأن المشاركة فى الحوار مازالت متاحة لجميع المصريين.. أكتب رأيك وأرسله إلى اللجنة المختصة وسواء تلقيت دعوى للمشاركة أم لا تأكد أن رأيك سيكون محل نظر.

وسأضرب مثلاً بنفسى وأطرح رأيى فى النظام الانتخابى الذى بدأت مناقشته ضمن قضايا المحور السياسى يوم الأحد الماضى وحدث تباين فى الآراء بشأنه ما بين نظامى القائمة المغلقة المطلقة والقائمة النسبية.. أطرح رأيى باعتبارى شاهداً ومتابعا عن قرب لتطور الحياة النيابية والنظام الانتخابى منذ عام ١٩٧٥ عندما انضممت لأسرة تحرير الأخبار..

أول أمس الموافق ١٥ مايو يكون قد مرّ علىّ ٤٧ عاماً تحت قبة البرلمان متابعا ومقيما لكل النظم الانتخابية التى أخذنا بها طوال هذه الفترة ما أتاح لى تقييم نتائجها الإيجابية والسلبية بعد دراسة موضوعية من أرض الواقع ومقارنة بالنظم الانتخابية المطبقة فى دول العالم المختلفة وهو ما يجعلنى أؤكد اليوم أن النظام الانتخابى الأفضل الذى يضمن تمثيل كل القوى السياسية والحزبية هو نظام القائمة النسبية غيرالمشروطة لأنه يدعم الحياة الحزبية ودور الأحزاب فى الحياة السياسية ولاصحة للادعاءات أنّه يتعارض مع الدستور الذى يضمن نسبة معينة من المقاعد للمرأة وتمثيلها مناسبا للشباب والأقباط وذوى الاحتياجات الخاصة..

هذه كلها استثناءات قد تفرضها ظروف معينة مرتبطة بطبيعة الحياة السياسية فى مصر لكن مصيرها إلى زوال فى أى تعديل دستورى قادم وليس هناك ما يمنع أبداً من صياغة قانون انتخابى بالقائمة النسبية غير المشروطة يضمن الالتزام بالدستور فيما يتعلق بتمثيل هذه الفئات خاصة إذا جمع هذا النظام بين القائمة النسبية غير المشروطة بالنسبة للأحزاب المشاركة فى الانتخابات والمقاعد الفردية التى تخصص للمستقلين.

منذ بدأت الحياة النيابية فى مصر ونحن نأخذ بالنظام الفردى فى الانتخابات لكن ثبت أن هذا النظام يدعم العصبية القبلية وتحكم العائلات فى الانتخابات ويشجع الرشاوى الانتخابية والأخطر أنه يهدد الحياة الحزبية ويجعل النائب الذى يكتب له النجاح فى الانتخابات ولاؤه فقط لمن انتخبوه وليس للحزب الذى رشحه فتضعف الأحزاب ويتراجع دورها فى الحياة السياسية.

الديمقراطيات الراسخة فى العالم تقوم كلها على أحزاب قوية تتبادل السلطة وفقا لما تسفر عنه نتائج الانتخابات ولهذا فإن ضمان تبادل السلطة هدف أسمى يجب أن يحرص عليه المشاركون فى الحوار الوطنى.

أخلص من ذلك أن صياغة قانون انتخابى يجمع بين القائمة النسبية غيرالمشروطة والانتخاب الفردى ولايتعارض مع الدستور أمر ممكن والكفاءة هنا تعتمد على «الترزى» الذى يفصل هذا القانون.

وأخيراً.. أن تقييم نتائج الحوار أمر مازال بعيداً ودعوات الاحباط التى تتردد عبر السوشيال ميديا ليس  لها ما يبررها وعلى أصحابها أن يراجعوا أنفسهم فقد انفتح أمامنا باب أمل فى تحقيق إصلاح شامل فلا نغلقه بأيدينا.