كلام يبقى

ممتاز القط
ممتاز القط

منذ‭ ‬اندلاع‭ ‬الأحداث‭ ‬الأخيرة‭ ‬بالسودان‭ ‬أعلنت‭ ‬مصر‭ ‬بوضوح‭ ‬رفضها‭ ‬أى‭ ‬محاولات ‬للتدخل‭ ‬الخارجى‭ ‬والذى‭ ‬قد‭ ‬يسهم‭ ‬فى‭ ‬تفاقم‭ ‬الموقف‭ ‬وزيادة‭ ‬خطورته‭.‬

حدث‭ ‬ذلك‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬لمصر‭ ‬مكانة‭ ‬خاصة‭ ‬بحكم‭ ‬الجغرافيا‭ ‬وعلاقة‭ ‬القربى‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬السودانى‭ ‬الشقيق‭ ‬وذلك‭ ‬إيمانا‭ ‬بأن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬بالسودان ‬شأن‭ ‬داخلى‭ ‬بحت‭.‬.

الموقف‭ ‬المصرى‭ ‬جاء‭ ‬انسجاما‭ ‬مع‭ ‬توجهات‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬والتى‭ ‬شهدت‭ ‬تحولا‭ ‬دقيقا‭ ‬منذ‭ ‬تولى‭ ‬الرئيس‭ ‬عبد الفتاح‭ ‬السيسى‭ ‬وهو‭ ‬عدم‭ ‬تورط‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬أحداث‭ ‬داخلية‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬بقعة‭ ‬بالعالم‭ ‬طالما‭ ‬كانت‭ ‬لا‭ ‬تمثل‭ ‬تدخلا‭ ‬أو‭ ‬مساسا‭ ‬بالأمن‭ ‬القومى‭ ‬لمصر‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعنى‭ ‬ذلك‭ ‬تفريطا‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬حقوق‭ ‬عادلة‭ ‬لأى‭ ‬طرف‭ ‬من‭ ‬الأطراف‭.‬

لكن‭ ‬مبدأ‭ ‬التدخل‭ ‬يأخذ‭ ‬صورا‭ ‬أخرى‭ ‬تدعمها‭ ‬الشرعية‭ ‬والقانون‭ ‬الدولى‭ ‬ومبادئ‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والتى‭ ‬ترسخ‭ ‬كلها‭ ‬قيمة‭ ‬وأهمية‭ ‬الحوار‭ ‬والمفاوضات‭ ‬المباشرة‭ ‬كأسلوب‭ ‬لحل‭ ‬النزاعات‭.‬

لقد‭ ‬انتهت‭ ‬حقبة‭ ‬الناصرية‭ ‬التى‭ ‬انساقت‭ ‬وراء‭ ‬شعارات‭ ‬رنانة‭ ‬وجوفاء‭ ‬والتى‭ ‬كانت‭ ‬سببا‭ ‬فى‭ ‬تورط‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬حروب‭ ‬ونزاعات‭ ‬كانت‭ ‬سببا‭ ‬أساسيا‭ ‬فى‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬قدرات‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المصرى‭ ‬وتحقيق‭ ‬الرخاء‭ ‬للشعب‭ ‬الذى‭ ‬دفع‭ ‬وحده‭ ‬ثمن‭ ‬تورط‭ ‬حكامه‭ ‬فى‭ ‬حروب‭ ‬لا‭ ‬ناقة‭ ‬فيها‭ ‬ولا‭ ‬جمل‭ ‬كان‭ ‬أفدحها‭ ‬دماء‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الشهداء‭.‬. حرب‭ ‬اليمن‭ ‬وحرب‭ ‬‮٦٧‬‭ ‬أمثلة‭ ‬واضحة‭ ‬لفداحة‭ ‬التدخل‭ ‬فى‭ ‬الشأن‭ ‬الخارجى‭- ‬قدمت‭ ‬مصر‭ ‬الكثير‭ ‬والكثير‭ ‬لحركات‭ ‬التحرر‭ ‬الوطنى‭ ‬من‭ ‬الاستعمار‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬اقتصر‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬والعون‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يمتد‭ ‬إلى‭ ‬ارسال‭ ‬القوات‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬العسكرى‭ ‬المباشر‭.‬

لقد‭ ‬شهدت‭ ‬المنطقة‭ ‬مؤخرا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأحداث‭ ‬وصلت‭ ‬ذروتها‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬سمى‭ ‬زورا‭ ‬وبهتانا‭ ‬بالربيع‭ ‬العربى‭ ‬والذى‭ ‬امتد‭ ‬ليشمل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬مصر‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬وحدة‭ ‬واصطفاف‭ ‬الشعب‭ ‬مع‭ ‬قواته‭ ‬المسلحة‭ ‬بقيادة‭ ‬الرئيس‭ ‬السيسى‭ ‬كان‭ ‬عنصر‭ ‬الحسم‭ ‬فى‭ ‬اجتياز‭ ‬مصر‭ ‬لمؤامرة‭ ‬الشر‭ ‬التى‭ ‬صدرها‭ ‬الغرب‭ ‬متخفيا‭ ‬بشعارات‭ ‬براقة‭ ‬للتغيير‭ ‬والديمقراطية‭.‬

وطوال‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ 10‬‭ ‬سنوات‭ ‬أرست‭ ‬مصر‭ ‬مبدأ‭ ‬عدم‭ ‬التورط‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬شأن‭ ‬خارجى‭ ‬يخص‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‭. ‬بالطبع‭ ‬لم‭ ‬يعن‭ ‬ذلك‭ ‬تخلى‭ ‬مصر‭ ‬عن‭ ‬دعم‭ ‬الحقوق‭ ‬والشرعية‭ ‬فى‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬ولكن‭ ‬فى‭ ‬اطار‭ ‬من‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬ودون‭ ‬تدخل‭ ‬أو‭ ‬توريط‭ ‬قد‭ ‬ندفع‭ ‬ثمنه‭ ‬غاليا‭. ‬حدث‭ ‬ذلك‭ ‬فى‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬واليمن‭ ‬وتونس‭ ‬وليبيا‭ ‬ومؤخرا‭ ‬بالسودان‭.‬