نرمين رياض تكتب: عيد يُجدد ذكرياتنا عن جذورنا المصرية

نرمين رياض
نرمين رياض

قد لا نحتفل بالعيد فى مصر ولكن كل عيد يُجدد ذكرياتنا عن مصر وتأثيرها على تشكيل هويتنا كأقباط. فبينما تقتصر احتفالات العالم على ذكرى ميلاد السيد المسيح وتصوير مشهد المذود وزيارة المجوس فقط، نحتفل كأقباط بذكرى الميلاد وارتباطه بأحداث هامة قبله وأحداث بعده تذكرنا بارتباطنا بمصر.

فكأقباط نفخر بمجيء السيد المسيح والعائلة المقدسة إلى أرض مصر، ومن قبله كانت زيارة أبينا إبراهيم أبى الآباء ومن بعده يوسف الصديق ثم ولادة ونشأة موسى النبى الذى قال عنه الكتاب المقدس إنه «تربى بحكمة المصريين».

كما نالت مصر بركة تأسيس المسيحية بزيارة مار مرقس الرسول وأيضاً شهد العالم تأسيس النظام الرهبانى على يد الأنبا أنطونيوس أول الرهبان.

لم تتوقف مشاعرنا بالفخر على التركيز على الجزء الروحى والدينى فقط، فهويتنا القبطية مزيج من إيماننا ومصريتنا. فكأقباط فى الخارج نشعر بكل الفخر عندما نشاهد آثارنا الفرعونية ونجد انعكاس وجوهنا فى وجوه الفراعنة العظام، ونقف فى اعتزاز وكرامة عند الحديث عن الحضارة الفرعونية القديمة التى شكلت ووجهت المعرفة فى العالم.

فكأقباط الخارج غير منعزلين عن مصر. بل نعمل دائماً على استمرار اتصالنا بمصر بكل الطرق، وتقديم خبراتنا وكافة مواردنا من أجل المشاركة فى النهوض بالمجتمع ككل، ونسعى أن نقدم مصر إلى العالم فى صورة وقورة تليق بعراقة تاريخها وحضارتها. ولعل كوبتك أورفانز دليل صادق وواقعى عن ارتباط الأقباط بالخارج بمصر. فبدأنا كمجموعة من الأقباط لمساعدة بعض الفتيات المقيمات فى ملجأ تابع للكنيسة، ولم نكن نتوقع أن تستمر خدمتنا لأكثر من بضعة أشهر. ولكن نما ارتباطنا بالخدمة وتحولت مساعداتنا النقدية إلى عمل منظم استمر لأكثر من 35 عاما ليخدم أكثر من 75000 طفل فى كل مصر.

وبالرغم من أننا تعرضنا إلى العديد من التحديات أثناء رحلة نمونا، ولكننا قررنا ان نتبع خطوات من سبقونا من الفراعنة والقديسين والفلاسفة والكتاب، وعزمنا على أن نقدم إلى الأطفال فى مصر ما يتناسب مع قيمتهم الإنسانية واحترامهم لذواتهم. فلم توقفنا تحديات اقتصادية، لأن الله يهب ولا يمنع؛ ولم تعقنا أى صعوبات لأن الخير الذى يملأ قلوبنا أقوى. لم ندع أى شيء يُثنينا عن التعبير عن محبتنا لمصر وقررنا أن نسير مع الأطفال فى برامجنا مسيرتهم فى الحياة حتى يُدركوا النهاية التى يأملونها لأنفسهم.

قد نكون تركنا مصر ونشأنا خارجها، ولكن تربت مصر فى قلوبنا وحملناها إلى العالم فى هويتنا القبطية وأيضاً فى عملنا ونجاحاتنا. وفى احتفالاتنا بعيد ميلاد السيد المسيح له المجد، نصلى أن يبارك الرب أرض مصر وأن يجعلها دائماً كما وصفها الكتاب المقدس «كجنة الرب كأرض مصر». كل عام وكل المصريين فى سلام.