وجدانيات

إذا بليتم ..فاستتروا

محمد درويش
محمد درويش

فى عهد الرسالة المحمدية لم ينفذ حكم رجم الزانى والزانية إلا مرتين وبناء على اعترافهما، عدا ذلك لم ينفذ مطلقاً لأن شرط إثباته بنص القرآن هو أربعة شهود «ذكور» وأن تكون رؤيتهم للواقعة بكامل تفصيلاتها وهو أمر مستحيل أن يحدث.

وإذا تمعنا قليلاً فى هذا الشرط لوجدنا أنه يستهدف الحفاظ على الأسرة التى هى قوام المجتمع من الانهيار، فينهار المجتمع كله وتضربه الشائعات التى يطلقها غير الاسوياء وعديمو الضمير، ولايدرون أن ما يحسبونه هينا هو عند الله عظيم، تخيل لو ادعى أحدهم أن فلانة ارتكبت الفاحشة ولابد من تطبيق الحد عليها دون أن يكون لقوله مصداقية، فما الذى يمكن أن يحدث لأسرتها. سينهار الأب ويمشى مطأطئ الرأس فى الشارع ولايمكن أن يواجه جيرانه أو زملاء عمله أو حتى أقاربه. سيتهور الأخ وقد يرتكب جريمة بمجرد أن تلوك الألسنة شرف أخته وعرضها. قد تطلق أختها المتزوجة قياسا ماتم ادعاؤه على شقيقتها وقد يمتد الأمر أيضا إلى أبناء العم والخال والعمة والخالة. أى بكل بساطة عائلة بأكملها ستسقط أعمدة تماسكها عندما كان يكفى خيرها شرها.

حتى فى حالة الزوجية إذا ما اتهم زوج زوجته بجريمة الزنا فيقسم بالله أربعة بما يدعى أنها فعلته والقسم الخامس أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، وترد هى على قسمه إذا لم تقر باعترافها أربع مرات أنه كاذب والخامسة أن لعنة الله عليها إن كانت كاذبة. ومن هنا قد يندهش البعض من قانوننا الوضعى الذى قصر إقامة دعوى الزنا على الزوج فقط أى أنه لو تعرض للقتل على يد من ضبطه يزنى بزوجته فلا وجه لإقامة الدعوى الجنائية، والسبب كما أتصوره أن الزوج قد يؤثر السكوت مكتفيا بطلاقها حفاظا على أولاده وعلى ألا تلصق بهم تهمة «أولاد الزانية» وحتى لو لم يكن له أولاد فقد يؤثر الصمت ويتخلص منها بالطلاق حفاظا على كرامته التى أهدرت.

الضعف البشرى الموجود منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها، والسقوط فى بئر الرذيلة لاينجو منه مجتمع ما أيا كان موقعه على الخريطة ومن هنا تجىء الفطرة الانسانية من قيم الحق والخير والجمال مدعمة بالشرائع السماوية  لتحافظ على  الأسرة والمجتمع الذى تشكله.

الغريب أن مرتكب الفاحشة يحاول قدر إمكانه ستر نفسه عند قيامه بأى بلاء لا أن يجلس على رصيف كوبرى الساحل أمام أعين الناس وكاميرات هاتفهم المحمول غافلا فى سكرته عن التفكير الذى سيصبح فيه عندما فقد أحدهم أبسط قيم الاخلاق وقام برصد الواقعة وبثها على مواقع التواصل الاجتماعى.
الخطأ وارد ولكن العادات والتقاليد والشرائع أحاطته بسياج كفيلة بأن تحفظ المجتمع من التردى والسقوط فى بئر الهاوية.