قلم مكسور

كرم من الله يكتب.. حوارى الأخير مع الكعبة

كرم من الله
كرم من الله

لا تحزن.. يمكنك أن تكتب لى او تطلبنى هاتفيا.. او يطلبك احد من أمامي لا تقلق سنبقى على اتصال.. كلمات تمنيت لو سمعتها من الكعبة عند وداعى لها.. عند فراق جسدى لها كنت قد دخلت خطوات بالقرب من حافة بكاء الشوق المكتوم.. عندما اخبرنى  اصدقائى خبر رحيلنا غدا عن مكة شعرت بشئ من السادية فى عيونهم.. طرت الى الكعبة وتعلقت بثوبها البهى واجهشت بالبكاء وقلت لها :لا استطيع أن أقف طويلا  اتحدث اليك من شدة  الزحام من محبينك.. لكن دعينى اخبرك بأنى ادمنتك.. اصبحت مدمنا لطلتك.. لحضورك.. لشموخك.. لكبريائك.. لعبقك.. لتاريخك.. لجغرافيتك..ولصبرك ايضا..

اقسم انى احبك.. وانى احببت مدينة انتى كل مافيها؟! تعلمين مدى الحزن الذى هجم على قلبي كقطيع من الضباع الجائعة وأنا أتاملك لآخر مرة بطواف العذاب الذى يسمونه طواف الوداع.. بحثت ببصرى الذى يشق خيوط دموع مسترسله تأبى التوقف..  بحثت عن شئ فى الكعبة وانا قريب منها حد الالتصاق بحثت عن شئ في ملامحها يخبرنى انها تبادلنى الشعور لكن شموخها الاذلى يأبى الا أن تنظر بتساوى محكم لضيوف الرحمن.. لكنى نظرت وتساءلت اتراه عطرك الذى اخترق حواسى هوا سر تعلقى بك؟ ام تراه هوا الذى يؤكد لى انك ستكونى بعد لحظات بعيدة جدا عنى.. بقدر ما انتى قريبة منى الان؟ همست لها ها انا بسنوات عمرى التى مضت وبالباقى منها نذوب عشقا فيك وفاجأتها بقلبة   بالمخالفة لكل العلوم الشرعية التى تعلمتها فى الازهر  قبلتها قبلة محمدية المذاق..

و قلت لها دعينى اتزود منك لسنوات الصقيع العائد اليها.. دعينى احمل دفء لعمرى القادم الذى ستمزق سترته الصوفية سنوات النفاق.. والخنوع.. والقلق.. والخوف..المقبل عليه. . دعينى اخبئ رأسى فى ثوبك كطفل حزين.. يتيم.. بردان... دعينى احلم ولو للحظات ان كل هذه المساحات بيننا هى مساحات عشق لا بُعد.. حقا جائع انا اليك.. عمر من الظمأ اليك وعمر من الانتظار على ابواب سيدك وسيدى ليقبلنى ملبيا بين الحجيج.. وها انا ذا الملم شتات عمرى على اعتابك.. فذكرونى عند مليكك واخبريه عنى بأن عبدا من عبادك طلب ان يقف الزمن ليبقي بجوارى. . وابحثى عنى يوم الحشر واشهدى انى احبك وكونى لى شفيعة.