من الجزائر .. هنا القاهرة

رئيس الوزراء يضع أكليلا من الزهور على مقام الشهيد بالجزائر
رئيس الوزراء يضع أكليلا من الزهور على مقام الشهيد بالجزائر

فى زيارتنا الخاطفة الأخيرة للجزائر مع الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، لحضور اجتماعات اللجنة العليا المصرية الجزائرية، كانت هناك العديد من المشاهد التى تستحق الرصد ،مشاهد تلخص ذكريات النضال والكفاح المشترك.

ودعم مصر لثورة الجزائر ضد الاستعمار الفرنسى ، وحديث عن مصر ونهضتها وعاصمتها الإدارية الجديدة، وآمال التعاون الاقتصادي، وتكامل يلبى طموح القادة فى البلدين لتجاوز مرحلة راهنة هى الأصعب اقتصادياً على المستوى العالمى .


بلد العلماء
كان برفقة الوفد الصحفى المرافق لرئيس الوزراء عقب وصولنا العاصمة الجزائرية، عبد النور شاب جزائرى لم يتجاوز الخامسة والثلاثين من عمره، استقبلنا بابتسامته الهادئة على وجهه الطيب البشوش.

وبعد عبارات الترحيب ، كان السؤال سريعاً عن مصر وأحوالها وأردفه سريعاً بأن مصر « بلد العلماء « ورددها ثانية إن مصر» بلد العلماء»وذكر علماء فى الطب والأدب ثم سرد أسماء لقامات كبيرة فى تلاوة وتجويد القرآن.

أمثال الشيخ محمد صديق المنشاوى وعبد الباسط عبد الصمد وغيرهم، ظلت أحاديثه الجميلة طوال رحلتنا التى لم تتجاوز الـ٤٨ ساعة مستمرة، تارة عن الفن وأخرى عن مشاهير مصر.

ويستمر جو الحب والود والألفة إلى أن يأتى الحديث عن كرة القدم، والتى لا يقبل فيها عبد النور إلا أن يذكرنا بأن منتخب الجزائر هو الأقوي، وأن انتصارات مصر الكبرى توقفت مع جيل حسن شحاته ولاعبين كبار أمثال جمعة والحضرى ومتعب.

وأن الجيل الحالى لمنتخب مصر « حسب رأيه» أقل بكثير من هذا الجيل العظيم، ربما يعجبه بعض اللاعبين الحاليين مثل محمد صلاح وأبوجبل، وعند أبوجبل يذكرنا بأنه تزوج جزائرية، وهنا يتابع:» كثير من المصريين تزوجوا من جزائريات».

ويردف قائلاً: « احنا نربوهم وأنت تتزوجوهم»، مختتماً كلماته بابتسامة تملأ وجهه، ظل عبد النور معنا حتى غادرنا المطار وحرص على توديعنا بكلمات تحمل أمانى اللقاء مرة أخرى، والتقط معنا صورة فوتوغرافية جميلة.


صوت العرب
على هامش منتدى رجال الأعمال المصرى الجزائرى الذى عقد فى اليوم الثانى لزيارة رئيس الوزراء، التقينا ببعض الإعلاميين الجزائريين، وعقب كلمات الترحيب، بادرتنا سمية، صحفية جزائرية متخصصة فى الاقتصاد، بالحديث عن مصر قائلة:» لن ننسى وقوف مصر مع الجزائر فى نضالها ضد الاحتلال، مصر ساندت الجزائر فى كفاحه ضد الاحتلال الفرنسى وساندت ثورتنا»


حديث سمية يعود بنا للوراء وتحديداً لمنتصف الخمسينيات من القرن الماضي، حينما أطلقت إذاعة صوت العرب بيان الصورة الجزائرية فى أول نوفمبر ١٩٥٤ بصوت الإذاعى الشهير أحمد سعيد، لينطلق من صوت العرب من القاهرة كلمات «هنا الجزائر»، معلنة بيان الثورة على الاحتلال الفرنسي، كما خصصت صوت العرب برامج عديدة للثورة الجزائرية كانت تذاع باللغتين العربية والفرنسية.

وساندت مصر وقيادتها نضال الجزائر حتى نالت استقلالها، بعد أن سالت دماء مليون ونصف المليون شهيد من شباب ومجاهدى الجزائر، ولم يتوقف حديث سمية وزميلتها أميرة عن ذكريات النضال.

ولكنه امتد للحديث عن مشروعات مصر الكبرى ومنها العاصمة الإدارية الجديدة وما تقوم به مصر من مشروعات تنموية فى الجمهورية الجديدة، وحديث أيضا عن انفتاح الجزائر استثماراً وتجارة مع كل جيرانها لتحقيق النمو المنشود.


النشيد الوطنى
على حائط إحدى الغرف داخل مقر الحكومة الجزائرية كان معلقاً النشيد الجزائرى والتى تقول كلماته:
«قسما بالنازلات الماحقات .. والدماء الزاكيات الطاهرات .. والبنود اللامعات الخافقات .. فى الجبال الشامخات الشاهقات .. نحن ثرنا فحياة أو ممات وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر .. فاشهدوا... فاشهدوا.. فاشهدوا».


هذا النشيد كتبه مفدى زكريا داخل السجن عام ١٩٥٧، وذكر أنه لم يجد قلماً ولا حبراً فأسال دماً من يده وكتب به هذه الكلمات، وبعد محاولات عديدة لتلحين الكلمات وصلت إلى الفنان محمد فوزى ، فخرج النشيد الوطنى الجزائرى الذى يصدح فى كل المناسبات والمحافل، بكلمات جزائرى ولحن مصري، ليخلد روابط تاريخية وكفاح النضال من أجل الحرية.


انتهت رحلة الـ٤٨ ساعة من القاهرة إلى الجزائر ذهاباً وعودة، وبقيت ذكريات التاريخ وروابط الكفاح والدم، وطموحات التعاون الاقتصادى فى المستقبل تبنى على ما فات وتؤسس للتكامل بين شعوب تجمعها روابط العروبة والكفاح والنضال والثقافة، وتتجاوز أى مشاهد خارج السياق فما كتب بالدم لا يمحوه الهواء.

اقرأ ايضا | رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمنظومة النقل الذكي