تجفيف منابع التمويل.. «كسر ضهر» الإرهابية

صورة موضوعية
صورة موضوعية

- تجريد «الإخوانجية» من الأموال القطرية.. ضربة قاضية لأطماعهم الشيطانية
- التحفظ على أرصدة التنظيم فى عدة بنوك.. والنمسا تُصادر 20 مليون يورو
- إدراج 6570 ممولاً على قائمة الإرهاب أشهرهم مالك والشاطر وأبوتريكة

كتب: خالد عبد الحميد

وجهت أجهزة الأمن المصرية خلال الأيام القليلة الماضية ضربة جديدة موجعة لجماعة الإخوان الإرهابية فى إطار خطة الدولة لتجفيف منابع تمويل الجماعة وملاحقة رجال الأعمال المتهمين بتمويل هذا التنظيم الإرهابى.

ففى سرية تامة، وبينما ينشغل الرأى العام فى مصر بقضايا على السطح من شاكلة خلع مرتضى منصور من نادى الزمالك وفوز الأهلى ببطولة أفريقيا، ومهرجان القاهرة السينمائى، ومتابعة عداد إصابات كورونا، كان جهاز الأمن الوطنى “الساهرون على حماية أمن الوطن والمواطن” يواصلون عملهم فى قضية أهم من القضايا المطروحة على السطح وهى قضية ملاحقة رجال الأعمال الممولين للجماعة الإرهابية، تمثلت في تحريات وجمع معلومات وتتبع أنشطة هنا وهناك، ثم أدلة دامغة تؤكد تورط رجال أعمال كبار فى تمويل جماعة الإخوان الإرهابية لهدم الدولة المصرية.

وبعد اكتمال التحريات المدعومة بالمستندات والأدلة تم رفع الأمر للنائب العام والجهات القضائية لتصدر الأوامر بالقبض على عناصر جديدة فى الجناح المالي الممول للجماعة فى مصر، وبالفعل تم إلقاء القبض على رجل الأعمال الإخوانى صفوان ثابت، رئيس مجلس إدارة مجموعة جهينة والذي تتجاوز أرصدته فى البنوك عدة مليارات، وسبق له تمويل اعتصام رابعة المسلح ودعم المعتصمين بالوجبات والمنتجات الغذائية من شركاته.

كما ألقت أجهزة الأمن تنفيذاً لأوامر النيابة العامة القبض على سيد السويركى صاحب محلات "التوحيد والنور" المنتشرة فى جميع محافظات مصر، ويمتلك أرصدة ضخمة تقدر بالمليارات كان يخصص جزءًا منها لتمويل النشاط الإرهابى لجماعة الإخوان، ولديه الآلاف من العمالة الشابة التى تعمل بمحلاته بعضهم ينتمى لجماعة الإخوان.

كما تم القبض على خالد الأزهرى وزير القوى العاملة فى حكومة هشام قنديل التى حكمت مصر فى العام الأسود 2012.

وقالت مصادر مطلعة إن وزير القوى العاملة الأسبق فى عهد حكومة هشام قنديل، تم اتهامه في ذات القضية المتهم فيها سيد السويركي مالك سلسلة محلات “التوحيد والنور” بالقاهرة، والتي تضم عددًا آخر من المتهمين. 

ووجهت النيابة للمتهمين، تهم: الانتماء لجماعة إرهابية وتمويل الإرهاب فى مصر، وأمرت بحبس المتهمين الثلاثة 15 يومًا احتياطيًا على ذمة التحقيقات التى تجرى معهم بمعرفة النيابة العامة، وأسندت جهات التحقيق للمتهمين فى القضية رقم 865 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا، ارتكاب جرائم الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف القانون، والدعوة للتظاهر دون تصريح، والتحريض على العنف، وتمويل الجماعة الإرهابية، إضافة إلى مجموعة أخرى من الاتهامات.

الملاحقات الأمنية لمصادر تمويل جماعة الإخوان الإرهابية لم تكن وليدة اللحظة بل بدأت منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى مقاليد الحكم فى 2014 بعد ثورة تطهير مصر من حكم الإخوان فى 30 يونيه 2013.

وكانت البداية بالقبض على وزير مالية الإخوان والداعم الرئيسي للجماعة وهو رجل الأعمال حسن مالك والذي تم إلقاء القبض عليه و4 آخرين من قيادات التنظيم عام 2015 وإجهاض مخطط الإخوان حينذاك للإضرار بالاقتصاد الوطنى، بعد أن توافرت معلومات لجهاز الأمن الوطني بتورط قيادات من "الجماعة" الهاربة خارج مصر فى عقد اجتماعات قاموا خلالها بالاتفاق على إعداد خطة للبحث عن بدائل يمكن من خلالها الحفاظ على مصادر تمويل نشاط الجماعة، ضمن مخطط الإضرار باقتصاد مصر وذلك بسحب وتجميع العملات الأجنبية وتهريبها خارج البلاد - كما حدث فى عهد الرئيس المعزول- والعمل على تصدير حالة عدم استقرار العملة وسعر صرف الدولار لفرملة جهود ومساعى الدولة نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي فى مصر.

وأكدت المعلومات تورط اثنين من قيادات التنظيم وهما حسن مالك صاحب مجموعة شركات مالك جروب، وعبدالرحمن سعودي الهارب خارج البلاد وصاحب مجموعة شركات "سعودي"، باستغلال بعض شركات الصرافة التابعة للتنظيم في تهريب الأموال خارج البلاد.

وبعد تقنين الإجراءات وتفتيش محل إقامة المتهمين وشركات الصرافة المشار إليها تم ضبط: حسن مالك “مسئول الدعم المالي”، وكرم عبدالجليل “صاحب شركة صرافة “، ونجدت بسيوني “صاحب شركة صرافة”، وأحمد أبوالمعاطي “مسئول تهريب الأموال”، وفارس عبدالجواد “مسئول تهريب الأموال”.

وعثرت قوة الضبط بحوزة المتهمين على أوراق تضم مخطط تنظيم الإخوان لضرب اقتصاد مصر، وتكليفات صادرة لعناصر الجماعة بالعمل على ضرب العملة الوطنية وتخفيض قيمة الجنيه، إضافة إلى أجهزة لاب توب، وفلاشات وإسطوانات مدمجة تم التحفظ عليها بمعرفة النيابة العامة، ومبالغ مالية عملات أجنبية بكميات كبيرة.

وفى 2017، تم ضبط مجموعة جديدة من المتهمين بتمويل الجماعة فى القضية التى عرفت باسم “تمويل الإخوان” وضمت القضية 1583 متهماً من بينهم لاعب الأهلى السابق محمد أبو تريكة وتم إدراجهم جميعاً فى قائمة الإرهابيين بقرار من محكمة جنايات شمال القاهرة.

كانت إدارة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التابعة لوزاة الداخلية، قد أعلنت قائمة بأسماء الكيانات الإرهابية والإرهابيين الذين تم إدراجهم على قوائم الإرهاب داخل مصر وفقًا للقانون رقم 8 لسنة 2015، وقرارات الإدراج الصادرة بشأنهم من المحكمة، والمحدثة حتى تاريخ 23 نوفمبر الماضى.

وبلغ عدد الإرهابيين الذين تم إدراجهم على قائمة الإرهاب فى مصر بموجب 30 حكمًا قضائياً صادرًا خلال الفترة من 4 يوليو 2016، وحتى 23 نوفمبر 2020، حوالى 6542 إرهابيًا، وجاءت أسماء رجل الأعمال صفوان ثابت، واللاعب محمد أبو تريكة من ضمن من شملتهم القائمة. 

وفى وقت لاحق تمت إضافة 28 متهمًا جديدًا لقائمة الإرهاب من بينهم عبد المنعم أبو الفتوح، ومحمود محمد فتحى، وإبراهيم السيد محمد عبده عطا.

وتزامن مع ملاحقات أجهزة الأمن لمصادر تمويل جماعة الإخوان الإرهابية داخل مصر إجراءات مماثلة فى عدد من دول العالم بعد إدراج التنظيم الدولى للإخوان تنظيماً إرهابياً فيها، حيث صادرت النمسا 20 مليون يورو من أموال جماعة الإخوان وهو القرار الذي قوبل بإشادة من نواب البرلمان النمساوى والذي طالب بالقضاء على منابع تمويل الإرهاب ومعاقبة الدول الداعمة له.

وطالب النواب، المجتمع الدولي بأن يقوموا باتباع الطريق الذي سلكته النمسا بالقضاء على منابع تمويل الإرهاب ومعاقبة الدول الداعمة للإرهاب والممولة له.

وليس هناك شك أن تجفيف منابع تمويل التنظيم العالمي يتطلب معلومات دقيقة عن قيادات الإخوان الهاربة إلى عدد من الدول في الخارج ومتابعة الجسور والقنوات التي تسمح بحركة مرور الأموال المتدفقة ورعاية وتمويل الأنشطة العدائية في عدد من الدول، وضرب هذه المنابع لكي يتم شل حركته تماماً وتجريد الإخوانجية من كل مقومات دعم الإرهاب وتحديداً من قطر وتركيا وإيران، ما سيمثل الضربة القاضية لمشروعهم التخريبي.

ومن المؤكد أن قرار تصنيف جماعة الإخوان على لائحة الإرهاب كان له أثر كبير في تقليم أظافر التمويل، وتتبع حركة أرصدة عناصر التنظيم فى البنوك حول العالم، وأرصدة الشركات التى يملكها عناصر وقيادات تنظيم الإخوان التي تسعى لتوظيف هذه الأموال لتصبح وقودًا لساحة أيدلوجيا التنظيم الدولي للجماعة الإرهابية التي تعتمد على اشتراكات الأعضاء، والتبرعات من الأفراد والمؤسسات، وأرباح المشروعات المشبوهة والجمعيات التي تندرج تحت التنظيم بأسماء وتوجهات سليمة ومنظمات مجتمع مدني وبنت تحالفات متينة من شركات «الأوف شور»، التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من قدرتها على إخفاء الأموال ونقلها حول العالم، فهي شركات يتم تأسيسها في دولة أخرى غير الدولة التي تمارس فيها الجماعة نشاطها.

وتتمتع هذه الشركات بغموضٍ كبير، يجعلها بعيدة عن الرقابة وتمثل أوروبا الحاضنة والملاذ الآمن لجماعة الإخوان، التي نجحت في تأسيس شبكة علاقات من جنسيات مختلفة، تتعاون بشكل كامل مع النظام الأردوغاني والحمدين القطري لنشر نموذج الإسلام السياسي في الدول العربية. 

ومن المتوقع أن تشهد الأيام القليلة المقبلة ملاحقات أكثر ضراوة للتنظيم الدولى للإخوان على مستوى العالم وتجفيف منابع تمويله بعد أن تسببت هذه الجماعة فى نشر الإرهاب والفوضي والعنف ليس فى مصر وحدها، بل فى عدة بلدان عربية وأوروبية.