من وراء النافذة

المعتمدية وأخواتها

هالة العيسوى
هالة العيسوى

ما حدث من أهالى المعتمدية والقرى المجاورة من كسر حظر التجول وتحدى الإجراءات الحكومية، والتسبب فى عدوى العشرات إلى أن انتهى الأمر بالعزل الكامل للقرية وما يحيطها من قرى، أمر لا يمكن السكوت عليه لما فيه من استهانة بقوة القانون وتعريض المئات بل الآلاف للخطر.. وهو درس صعب لأهالى تلك المنطقة والمناطق الأخرى، فلا تسول لأحدهم نفسه بعد الآن التهاون أو الاستهتار بالجائحة وبمصائر الآخرين، فيغامر بمراهقة غير محسوبة ويتحدى الإجراءات الوقائية ولا يحتاط بمعايير الوقاية والسلامة المعلن عنها. ولا يتذرع بالعادات والتقاليد والواجب والعيب والحرام والحلال ويتصور أن ارضاء الله بإقامة الشعائر سينجيه من إثم إيذاء نفسه والآخرين.
أما وقد حدثت الكارثة وتم فرض العزل التام على قرى بركة الخيام والمعتمدية وعزبة العسيلى بما يعنى توقف حركة الحياة لحوالى مئة ألف نسمة فقد دقت ساعة الإغاثة وآن أوان العمل التكافلى المجتمعى ولا مجال للشماتة أو العقاب سواء من الدولة أو من المجتمع.
فى الحالات المشابهة فى كل دول العالم عندما يتم عزل منطقة تتكفل الدولة بتوصيل الغذاء والعلاج المزمن إلى مداخل المنازل فضلا عن متابعة الحالة الصحية لسكان المنطقة مرتين فى اليوم مع تعقيم البيوت.
أما فى المعتمدية وأخواتها بركة الخيام وعزبة العسيلى فالناس معزولون لا يستطيعون تجاوز الحواجز الأمنية أو الخروج من القرى لقضاء حوائجهم. ومن ثم لا يتمكن عوائلهم من العمل وجلب الرزق، وبالكاد يمكنهم الحصول على ما يقيم أودهم من المخزون الضئيل الذى كان متاحًا. هنا يأتى دور بنك الطعام ليوجه بعضًا من جهوده إلى تلك القرى المنكوبة فالمرض يستقوى على الجياع ويفتك بهم.
بيوت تلك القرى تحتاج إلى مطهرات وإلى رش شوارعها من أجل الوقاية، هناك شباب متطوعون مستعدون لبذل الجهد ومساعدة المحتاجين والمرضى لكن إمكانياتهم المادية ضعيفة، قريتان من الثلاث على الأقل تعيشان فى فقر مدقع، ولا توجد آلية تنظم جمع التبرعات وإدخالها فى هذا الظرف الطارئ، الشرفاء يخشون الاتهام بالمتاجرة بآلام أهاليهم والتصدى لعملية جمع التبرعات ويرون أنه من الأفضل توصيل التبرعات العينية إلى حدود القرى عند حواجز العزل مثلا، يحتاجون من يؤدى للعجائز طلباتهم من جلب الأدوية المزمنة والمستلزمات غير المتاحة فى القرية. هنا يأتى دور المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية فى توجيه بعض من معوناتهم إليهم ولابد من إيجاد آلية محترمة ومحكمة تضمن وصول الإغاثات إلى كل الناس بالعدل ففى الوباء لا مجال للمحسوبية أو المجاملة، ومطلوب أيضا تيسير حصول الأهالى على المال اللازم لهم بوضع ماكينات صرف آلى لا سيما أن قرية بركة الخيام مقامة على 1300 فدان يعنى أكبر من المعتمدية ذات النصيب الأوفر من الشهرة والاهتمام والمقامة على حوالى 600 فدان فقط.
مطلوب أيضا المزيد من الحزم فى مسألة عدم المخالطة بحيث لا يسمح بالخروج من المنزل إلا لفرد واحد فقط من الأسرة لقضاء حوائج ضرورية كشراء الطعام أو العلاج وينبغى التأكد من هذه الضرورة وعدم التهاون مع راغبى المشاغبة والمناكفة والمزاح وإثبات الذات.
المهم اغيثوهم أغاثكم الله.