قضية ورأى

ضوابط العمل من المنزل حتى اجتياز الأزمة

آية ماهر
آية ماهر

فى ظل لجوء أغلب الشركات على إجبار موظفيها للعمل من المنزل أو ما يسمى العمل عن بعد وشكوى البعض أنهم يشعرون بالعزلة والملل وعدم قدرتهم على إنجاز أعمالهم، تذكرت فى الحال تجربتى الشخصية كأستاذة جامعية والتوتر الشديد الذى أصابنى عندما اضطررت لتدريس مواد الأون لاين أو الدراسة عن بعد لجامعتى من إحدى الدول الأوروبية نظرا لظروف ما صحية اضطرتنى للسفر للخارج بعدما اعتدت واستمتعت بالتدريس داخل قاعات المحاضرات على مدار 25 عاما، تنتابنى حالة من القلق والتفكير بأن نجاح أستاذ الجامعة يعتمد فى المقام الأول على كاريزمته داخل المحاضرات وبث روح الدعابة أثناء التدريس ولغة الوجه والجسد، فكيف سأحقق كل هذا بالتواصل غير المرئى؟ وكيف أستطيع تحفيز طلابى بأساليب غير الوجه لوجه؟ وفى هذه الفترة كثفت أبحاثى الأكاديمية لدراسة آليات نجاح العمل عن بعد، والحمد لله على مدار سنوات وفقت فى تدريس مواد الأون لاين، واستنتجت من خلال تجربتى الشخصية وأبحاثى الآتى:
أولا: على مستوى المؤسسات: لابد من التخطيط المسبق لإدخال العمل عن بعد كوسيلة بديلة داخل كافة مؤسساتنا العامة والخاصة، يتدرب عليها جميع العاملين ويتم توفير الميزانية اللازمة لها وتوفير الدعم الفنى اللازم له للتعامل به وقت الأزمات أو كوسيلة تحفيزية مرنة للعاملين. ومن ضمن الضوابط الأساسية المنظمة للعمل عن بعد الآتى:
1. وجود قياسات دقيقة وواضحة للتكليفات المنوطة للمرءوسين من قبل مدرائهم وتحديد وقت محدد لها بحيث يكون مؤشرا لتقييم أدائهم بصفة مستمرة.
2. يتطلب هذا النظام فى المقام الأول تدريب العاملين على السلوكيات والمهارات اللازمة للعمل بهذا النظام مثل الانضباط والأمانة والتخطيط الجيد والتنظيم وإدارة جيدة للذات وإدارة ضغوط العمل وتعريفهم بحقوقهم الوظيفية فى الترقية والحوافز والمزايا فى ظل هذا النظام.
3. بالإضافة إلى تخصيص ساعات مشتركة لكل العاملين على مدار اليوم من قبل مدرائهم لكى تعقد فيها الاجتماعات المرئية أو السمعية من خلال وسائل التواصل الإلكترونى كبديل للاجتماعات والمتابعات اليومية فى مقر العمل.
4. فتح قنوات التواصل الإلكترونى بين الزملاء وبين المدراء ومرءوسيهم وتخصيص ساعات مكتبية عبر الإنترنت لكل منهم للتنفيس عن أى مشكلة داخل دولاب العمل.
ثانيا: على مستوى الأفراد العاملين:
5. لابد على العاملين بنظام العمل عن بعد تخصيص مكان محدد داخل المنزل للعمل عن بعد واتباع نفس الروتين اليومى للعمل المعتاد وعدم التعامل بهذا النظام كما لو أنه إجازة أسبوعية بمشاهدة التلفاز أو الرد على المكالمات الهاتفية أثناء ساعات العمل لكى يسهل عليهم عملية التكييف النفسى للعمل فى أجواء العزلة.
6. وأحيانا يغلب على العاملين بهذا النظام شعور بالملل لفقدان الجانب العاطفى فى التواصل اليومى مع الزملاء ولذلك يتطلب التنفيس عن هذا الجانب بتنظيم مقابلات العمل لمدة لا تزيد عن ساعة ولو مرة أسبوعيا لكل قسم على حدة لتقليل تواجد الأعداد فى مكان واحد.
كما لخصت دراسة خبراء الإدارة بشركة ماكنزى الأمريكية أهم أسباب نجاح الصين فى إدارة أساليب العمل عن بعد من أول أسابيع اندلاع أزمة الكورونا إلى: تقسيم الأفراد إلى مجموعات عمل صغيرة ويكون لكل منها موجه يتولى عمليات توضيح الأدوار المختلفة لكل فرد فى ضوء استراتيجية المؤسسة، يلعب هذا الموجه دورا معنويا وإنسانيا كبيرا فى شحن طاقات مجموعته وتخفيف إحساسهم بالعزلة والتوتر من خلال التواصل اليومى معهم ومشاركتهم فى إيجاد حلول لأى مشكلة عبر التواصل بالصوت أو بالصورة أو الشات أو الإيميل حسب أهمية الموضوع أو المشكلة، هذا بالإضافة إلى التخطيط المسبق لكيفية إدارة العمل ووضع أجندات لكافة المواعيد والتكليفات لكل مجموعة.