قبل استقبال عام هجرى جديد.. محاسبة النفس واستثمار الوقت بالعمل «واجب»

الشيخ عبد الحميد قرقر
الشيخ عبد الحميد قرقر

ما أسرع انقضاء الأيام، كم هى سريعة يمر الشهر كاليوم واليوم كالساعة، تنقص أعمارنا بدون أن نشعر، والمؤمن من اتخذ من سرعة الأيام عبرة فعلم قيمة وقته وعلم أن وقته ما هو إلا عمره.. وفى نهاية كل عام نحاول أن نتذكر أهمية أعمارنا؛ لنقف وقفة محاسبة نتدارك فيها ما فات من أعمارنا ونعزم أن يكون العام الهجرى بداية لعهد جديد مليء بالعمل والهمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه»، فالسائل هو الله من لا تخفى عليه خافية فهل أعددنا لهذا السؤال جوابا؟

يقول الشيخ عبد الحميد قرقر من علماء الأزهر: جعل الله الليل والنهار علامة على كمال قدرته ودلالة على وحدانيته، ثم جعلهما وقتا صالحا لإقامة العبادة ومعرفة الاستقامة قال تعالى: «وهو الذى جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا»، هذا التعاقب والاختلاف دافع للمرء بأن يوقن بأن التغيير هو العنوان الأمثل فى حياتنا، والتغيير بمعناه الإيجابى هو انتقال من اليأس إلى الإقبال على المستقبل، وليحدث هذا التغيير لابد من محاسبة النفس، فقد كان سلفنا الصالح يتقربون إلى الله بالطاعات ويسارعون إليه بالقربات ويحاسبون أنفسهم على الزلات ثم يخافون إلا يتقبل الله أعمالهم، فهذا الصديق أبو بكر رضى الله عنه يبكى كثيرا ويقول: ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا، وقال: والله لو وددت أنى كنت هذه الشجرة تؤكل وتعضد. وهذا عمر بن الخطاب يمر بآية فى ورده بالليل فتجعله يبقى فى البيت أياما يعاد ويحسبونه مريضا ويقول: حاسب نفسك فى الشدة قبل حساب الشدة فمن حاسب نفسه فى الرخاء قبل حساب الشدة عاد أمره إلى الرضا ومن ألهته حياته عاد أمره إلى الندامة والخسارة.

اقرأ أيضًا |  الغش في الامتحانات| الأزهر للفتوى المعاونة على الإثم مشاركة في الجرم

ويضيف: محاسبة النفس نوعان قبل العمل وبعده؛ فقبل العمل أن يقف العبد عند أول همه وإرادته فلا يعمله حتى يتبين له رجحان العمل على تركه، وقال الحسن: رحم الله عبدا وقف عند همه إن كان لله مضى وإن كان لغيره تأخر. أما محاسبة النفس بعد العمل فتشمل محاسبة النفس على طاعة قصرت فيها فى حق الله ومحاسبة النفس على عمل تركه خير من فعله ومحاسب نفسه على أمر مباح لم يفعله وهل فعله لله والدار الآخرة فيكون رابحا أو عاجل دنيا فيخسر.

ويؤكد أن العلماء وضحوا أسباب تسهل محاسبة النفس منها التيقن بأنه إذا حاسب الإنسان نفسه اليوم استراح غدا، ومراقبة النفس هى طريق الفردوس مع ضرورة صحبة الأخيار الذين يحاسبون أنفسهم ويطلعونه على عيوبه مع حضور مجالس العلم والوعظ والبعد عن أماكن اللهو والغفلة.

ويشير إلى أن طريقة المحاسبة تكون بالبدء بالفرائض فإن رأى فيها نقصا تداركه وإذا ارتكب منهيا عنه أصلحه بالذكر والتوبة والاستغفار والحسنات الماحية مع محاسبة أعمال الجوارح وكلام اللسان ونظرة العين وسماع الأذن، هذا كله يفيد الإنسان فى انكساره وذلته بين يدى ربه والاجتهاد فى الطاعة وترك العصيان مع رد الحقوق لأصحابها لابد كل منا أن يسأل نفسه «وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى»، فيجب على الشباب أن يعلم أن أمة الإسلام تواجه أزمات من الأعداء فيكونون قوة نافعة والمرأة عليها دور فى تحصين الأسرة بالأخلاق والعفاف، وهكذا كل فى مكانه.. جعلنا الله ممن يستخلص العبر مما مضى ونكون أكثر محاسبة فيما يستقبلنا من العمر.