فى الصميم

إلى أين يهرب نتنياهو..؟ بين حرب جديدة أو فوضى شاملة

جلال عارف
جلال عارف

يحاول مجرم الحرب نتنياهو أن يطمئن الإسرائيليين فينفى أن الكيان الصهيونى يواجه خطر الحرب الأهلية.. لكنه - فى الحقيقة- يزيد مخاوفهم«!!».. فلم تكن إسرائيل بهذا التمزق المجتمعى من قبل، ولم تكن الفوضى السياسية هى سيدة الموقف كما هو الحال الآن مع حكومة زعماء عصابات التطرف والإرهاب التى تقود البلاد من هزيمة إلى أخري، ومن فشل إلى فشل أكبر!!

الأزمة داخل إسرائيل تصل الآن ذروتها بالصدام العلنى بين الحكومة والجيش. الصدام بدأ مبكرا ومنذ تشكيل حكومة نتنياهو الحالية وقبل أحداث 7 أكتوبر، لكنه الآن يكتسب أبعادا خطيرة الجيش كان دائما هو المؤسسة التى تجمع كل الأطراف حولها رغم أى اختلافات سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية. قبل 7 أكتوبر وقفت المؤسسة العسكرية ضد محاولة نتنياهو وحلفائه الهيمنة على القضاء.. وأقال نتنياهو وزير دفاعه ثم اضطر للتراجع. وبعد أحداث أكتوبر اتهم نتنياهو القيادات العسكرية والاستخباراتية بالمسئولية عن الفشل الكبير، وردت المؤسسة العسكرية بأن الفشل السياسى كان أكبر. وتراجع نتنياهو وتأجلت المواجهة بسبب حرب الإبادة فى غزة!!

الآن.. يبدو صحيحا ما حذرت منه المؤسسة العسكرية منذ شهور بأن الحرب الفعلية انتهت ولابد من حل سياسى حتى لا يتحول الأمر إلى استنزاف طويل لا تتحمله إسرائيل. ومع استمرار رفض نتنياهو لأى أفق سياسى وإصراره على حرب بلا نهاية وبلا حدود من ناحية، ومع ازدياد احتمالات اشتعال الجبهة مع حزب الله وتحولها لحرب شاملة يريدها نتنياهو بشدة رغم كل المخاطر.. يظهر الخلاف إلى العلن، ويعلن الجيش أن القضاء التام على «حماس» هو هدف غير واقعى فى ظل الفشل السياسى الحكومى فى تقديم رؤيتها لما بعد الحرب. ويرد نتنياهو وحلفاؤه بالهجوم على قيادة الجيش وبتعيين بن غفير فى لجنة وزارية لشئون الأمن.. وهو خطوة لها مغزاها حتى إن كانت اللجنة استشارية لأنها تعنى أن شئون الأمن ستبحث فى غياب العقل ومع حضور التطرف المجنون بالحرب.. وبالحرب فقط!!

الشارع الإسرائيلى يدرك حجم المخاطر، وحركة المعارضة والاحتجاج تتسع، ونتنياهو يبتز الجميع بالحديث عن «الحرب الأهلية» بينما يستعد لحرب على الجبهة اللبنانية قد تتسع لتكون حربا إقليمية يعرف الإسرائيليون أن خسائرهم فيها ستكون فادحة، وسؤال الخوف الحقيقى عند الإسرائيليين: كيف تستمر الحرب وتتوسع مع صدام الحكومة مع الجيش، ومع الثقة المفتقدة بين الجانبين؟ وكيف يمكن أن يكون قرار الحرب أو السلام بيد أمثال بن غفير وسيموترتش اللذين يرفضان أى حديث عن تهدئة أو تفاوض  جاد لإنهاء الحرب، ويتهمان قيادة الجيش بالخيانة، ولا يخفيان الرغبة فى السيطرة على المؤسسة العسكرية من جانب قوى اليمين المتطرف؟!

ويبقى الأخطر فى المشهد الداخلى الإسرائيلى هو خروج الخلاف بين المؤسستين السياسية والعسكرية إلى العلن، خاصة أنه يجيء بعد تسريب متعمد عن تقرير للاستخبارات العسكرية تحذر من هجوم 7 أكتوبر قبل ثلاثة أسابيع من وقوعه تم تقديمه لنتنياهو الذى تجاهل كل التحذيرات!! وهو ما يعنى أن تصفية الحسابات المتأخرة قد بدأت، لكن مجرم الحرب مازال يحاول ممارسة لعبته الأثيرة «الهروب إلى الأمام».. يصر على عدم إنهاء المذابح فى غزة، ويشعل الجبهة الشمالية مع لبنان، ويضغط لتوريط أمريكا فى حرب قد تشعل المنطقة كلها.. بينما الجيش منهك، والثقة غائبة، والفوضى سيدة الموقف، والجنون وحده يحكم ويستكمل الكارثة!