«عيد الأب» الحبيب المجهول

الآباء: لا ننتظر هدية أو حتى وردة

عيد الأب
عيد الأب

هل ذهبت اليوم أو الأمس لتحضر هدية لوالدك لتقديمها له، هل تجهز لتمنحه غدا وردة صغيرة تعبر عن حبك وتقديرك له، يقولون «الأمان رب ثم أب»..

جملة الكثيرون يرددونها دون أن يطبقوها بحجة أن الأب لا ينتظر وردة أو هدية، بطبيعته دوما نظرته مختلفة عملية أكثر وبعيدة عن تلك الرومانسية التى تقدم بدقة فى 21 مارس ليلة عيد الأم، لا غبار أن الأم هى عمود المنزل، لكن على الجانب الآخر الأغلبية تكاد لا تعرف أو تسمع أن هناك يوما يسمى «عيد الأب» من المفترض أن نحتفل به غدا الموافق 21 يونيو من كل عام.. هنا نسأل هل لدينا عيد أب بالفعل؟ هل نعرفه؟ هل نحتفل به ؟ 

دعونا نخبركم نعم هناك يوم لتكريم الآباء مثل الأمهات ولكن عاداتنا وتقاليدنا الموروثة لم تعط لنا الفرصة لمعرفته والاهتمام به، بدأ العالم الاحتفال بعيد الأب فى ٢١ يونيو من كل عام وأصبح هذا اليوم هو يوم احتفال اجتماعى عالمى نحتفل فيه بفضل الآباء أو من يقومون مقامهم فى حياتنا، تختلف مظاهرالاحتفال بعيد الأب من دولة إلى أخرى ولكنهم فى النهاية يتفقون على الهدف منه وهو الاعتراف بالفضل والجميل للآباء فى حياة الأبناء.

جاءت فكرة تخصيص يوم لتكريم الأب من «سونورا لويس سمارت دود»، وهى فتاة من سبوكين بولاية ميتشيجان بالولايات المتحدة فى عام 1909، بعد أن استمعت إلى موعظة دينية فى يوم الأم، أرادت سونورا أن تكرم أباها وليم جاكسون سمارت. وكانت زوجة سمارت قد ماتت عام 1898، وقام بمفرده بتربية أطفاله الستة. ولذلك قدمت «دَود» عريضة توصى بتخصيص يوم للاحتفال بالأب، وأيدت هذه العريضة بعض الفئات. وتتويجا لجهودها احتفلت مدينة سبوكين بأول يوم أب فى 19 يونيو عام 1910، وانتشرت هذه العادة فيما بعد فى دول أخرى. 

عن هذا العيد المجهول بيننا تواصلنا مع بعض الآباء لسؤالهم عن مظاهر الاحتفال بعيد الأب فى منازلهم وكان الرد السائد منهم «عيد أب هو احنا عندنا عيد أب؟»، واختلفت الآراء من أب لآخر عن هذا اليوم ومدى سعادته إذا تم الاحتفال به.

البداية كانت مع «حسام الشربيني» وهو أب لولدين توأم الذى أكد أن أولاده لا يعرفون أن هناك يوما لعيد الأب مضيفا : أنا شخصيا لا أعرف ، فقد سمعت أن هناك يوما لعيد الأب ولكننى لم أكن أعلم اليوم المحدد له، فالمتعارف عليه هو عيد الأم فقط وكل الأطفال يعرفونه، فلم يكن هناك أطفال تعرف أن هناك يوما فى العام للاحتفال بالأب، على الرغم أن الآباء يتحملون مسئوليات كبيرة خارج المنزل يمكن أن تؤدى للإصابة بالأمراض أو حتى الموت، والأم بالطبع هى التى تتحمل العبء الأكبر ولكن فى النهاية الحياة منقسمة بينهم..

وأضاف أن إذا قاموا أولادى بالاحتفال بى مثل عيد الأم بالطبع سأشعر بالسعادة والامتنان لهم، ولكن ما يشعرنى بالسعادة أكثر هو نجاحهم واستقرارهم النفسى والمادى والمعنوى.

 

◄ اقرأ أيضًا | يوم عيد الأب| المغتربون في ميزان «الأبوة»

 

أما «خالد بغدادي» في العقد الخامس من العمر ولديه بنتان يقول : ليس لدى علم أن هناك يوما للاحتفال بعيد الأب، فهذا التقليد غير متعارف عليه فى مجتمعنا المصرى، فقد تربينا منذ الصغر على الاحتفال بعيد الأم فقط لتقديم الشكر لها والامتنان لمجهوداتها التى تبذلها فى تريية أبنائها، فالتقاليد هى من رسخت ذلك فى أذهاننا، وجعلت الأنظار للأم فقط وتجاهلت الاحتفال بالأب.

 

وأضاف «بغدادي» أن عيد الأب لم يستحوذ على دعاية قوية ليتعارف عليه الكثير من الأشخاص فقط ظهر مؤخرا على السوشيال ميديا وأعتقد أن عدم الترويج له مثل عيد الأم هو سبب عدم انتشاره، وإذا قاموا بناتى بالاحتفال بى فى عيد الأب بالطبع سأشعر بالسعادة لأن الاهتمام يسعد أى شخص. 

 

وجاء الرأى الثالث للأب «محمد عصام» الذى لديه ولد وبنت، أنه أيضا لم يكن يعلم أن هناك عيدا للاحتفال بالأب، وعن عدم الاحتفال به لأن الله كرم الأم لما تراه من حمل وولادة وتعب وتربية وألم ووهن فهى الأحق بالاحتفال والتقدير، الأب يحمل الكثير من المسئوليات ولكن لم تصل إلى حد المسئوليات التى تحملها الأم.

أما عن الأحتفال داخل أسرته بعيد الأب علق قائلا : «مفتكرش أن أولادى احتفلوا بيه معايا جايز لانه مش معتاد زى عيد الأم، لكن لو الولاد افتكروا واحتفلوا بيه دا شيء يبسطنى ويسعدنى طبعا انهم افتكرونى. 

تواصلنا مع عدد من الخبراء لتفسير ظاهرة عدم الاحتفال بعيد الأب وهل هو نوع من الإهمال العاطفى تجاه الأب أم لا ؟

 

 

يقول د.جمال فرويز استشاري الطب النفسي أن السيدات «أداة عاطفية» تعتمد فى كل تصرفاتها على العاطفة الداخلية لها وتستقبل كل شيء بقلبها أما الرجل يعرف عنه أنه مضحى ودائما يتنازل عن كل شيء من أجل أبنائه، ولكن هذا لا يمنع أن المنزل بشكل عام يتكون من «وتد» و«مظلة» الوتد أو العمود هى الأم التى يعتمد عليها كل أفراد الأسرة، أما المظلة فهو الأب الذى يحمى هذه الأسرة من الخارج. 

وأضاف فرويز أن دور الأب دائما منسى لأنه معظم الوقت هو خارج المنزل لتلبية احتياجات اسرته المادية، وهذا يجعل الأم هى المتواجدة بشكل دائم مع أولادها فتصبح هى الأقرب عاطفيا لهم والأحن عليهم، ولكن الأب ينظر لهم بالمنظور العملى لاحتياجاتهم فقط فهنا ينسى دوره العاطفى تجاه أبناءه. 

وعن الاحتفال بعيد الأب فهو شيء مستحدث لم يكن متعارف عليه فى تقاليدنا وعاداتنا التى تربينا عليه فقط نعرف عيد الأم والأغانى الشهيرة لها والاحتفال السنوى بها فالأم بطبيعتها العاطفية تنتظر دائما التقدير والهدايا والشكر ممن حولها، ولكن الأب  ينظر لأبنائه وعندما يراهم مستقرين وناجحين فى حياتهم هو بذلك قدم دوره ورسالته. 

أما د.مجدى حمزة الخبير التربوي عن الاحتفال بعيد الأب بدأ بالتعليق على الأمر بحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم عن أبى هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله   فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتى؟، قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك»، فالتقدير للأم جاء من عند الله عندما وضع الجنة تحت أقدام الأمهات فى بداية الأمر اعترافا بما تقوم به فى الحياة تجاه أولادها، فهنا حب الأبناء للأم غريزة فطرية لا غبار عليها فعند دخولهم للمنزل أول شيء يسألون عنه «فين ماما» وليس الاب، فالأم هى أهم شخص عند الأبناء ولابد أن يتفهم الأباء هذا النوع من الحب بين الأم وابناءها، وبعد ظهور عيد الأم فى الخمسينات أصبح الاحتفال بها موروثا ثقافيا وتقاليد وعادات ويوما مقدسا للاحتفال، ولكن على الجانب الآخر عندما ظهرت فكرة المطالبة بالاحتفال بيوم لعيد الأب لم يجد اهتماما مثل عيد الأم على الرغم من المسئوليات الكبيرة التى يحملها الأب ولكن العاطفة تغلب دائما، بالإضافة إلى إهمال وسائل الإعلام لعيد الأب هو السبب الرئيسى لعدم الاحتفال به إلا مؤخرا حيث بدأ التنويه أن هناك يوما لعيد الأب ولكنه أيضا لم يحصل على نفس القدر من الاهتمام بيوم الأم. 

وأضاف الخبير الأسرى أن هناك دورا أيضا على الأم فى ترسيخ الاحتفالات بالأب مثل عيد ميلاده أو عيد الأب فهى من تحث أبناءها على ذلك، لأن الرجال بطبعهم لا يفكرون بعواطفهم فهم يفكرون بشكل عملى أكثر.