«بالألوان».. «الحسين فوزي» عملاق فن الرسم الصحفي

غلاف آخر ساعة عام ١٩٥٣..  بريشة الحسين فوزى
غلاف آخر ساعة عام ١٩٥٣.. بريشة الحسين فوزى

الفن التشكيلى مجموعة متنوعة من الإبداعات البصرية التى تعكس ثقافات وحضارات الشعوب، ولكل مبدع تجربة تحمل بصمته الخاصة التى تترجمها أعماله.

يعد الفنان الحسين محمود فوزى علامة من علامات فن الجرافيك المصرى، فهو أحد رواد الجيل الثانى فى الحركة التشكيلية المصرية المعاصرة، ولد فى 4 سبتمبر 1905 بحى الحلمية الجديدة بالقاهرة بالقرب من الأحياء الشعبية التاريخية بالقلعة والسيدة زينب، ورحل 14 يوليو 1999.. تخرج فى مدرسة الفنون الجميلة عام 1926، ثم سافر فى بعثة لاستكمال دراسته فى باريس عقب تفوقه على ستين متسابقًا تقدموا للحصول على البعثة الدراسية عام 1929، حيث درس فنون التصوير الزيتى والحفر والطباعة والفنون الزخرفية هناك، ثم حصل على دبلوم الجرافيك عام 1932 من مدرسة «إتين» للطباعة فى باريس، ويعدُّ أول فنان مصرى يرأس قسم الجرافيك بكلية الفنون الجميلة بعد «رايس» الإنجليزى عام 1934.

بقع سوداء
بدأ يرسم فى الصحافة منذ أن كان طالبًا ونشر له أول رسم عام 1924، حيث رسم مجموعات من القصص على صفحات الجرائد والمجلات وكذلك أغلفة الكتب، إضافة إلى الرسوم التوضيحية، كانت الصحافة آنذاك خالية من الرسوم والصور، وأول صورة نشرت فى صحيفة مصرية كانت عبارaة عن بقع سوداء لا يظهر فيها شىء.. هذا على حد قول الفنان نفسه.

اقرأ أيضًا | صاحبة السير في الطرق البعيدة: أنتظر حتى تغازلني النصوص لأكتبها

رسم لعدة جرائد ومجلات منها: جريدة الشباب، والمصور، والفكاهة، والاتحاد، واللطائف، وكوكب الشرق، ثم الأهرام وجريدة الشعب، والجمهورية وآخر ساعة.

تميز بأسلوب خاص فى رسوم قصص الأطفال، فظهرت خطوطه فى نفس الوقت الذى ظهرت فيه رسوم بيكار فى مجلة سندباد قبل ظهور سندباد بعام واحد، أى عام 1951 حيث أصدرت دار الشمرلى للنشر مجلة «على بابا» ذات الطابع الفكاهى، وقام فوزى برسم غلاف المجلة وصفحاتها الداخلية مستخدما أسلوبه المعروف «التهشيرات المتقاطعة»، إلا أنه كان ينزع أحيانًا وهو يرسم أغلفة المجلات إلى الخطوط الكاريكاتورية. 

مغامرات اللينوليوم
 سطر عدة تجارب فى فن الحفر، حيث خاض مغامرات باستخدام الألواح المعدنية والأخشاب والأحجار واللينوليوم، ونجح فى استنتاج واكتشاف العديد من أسرار هذا الفن، فقد كان شغوفًا بتجربة كل ماهو غير تقليدى، وسار على دربه فى هذا المجال العديد من الأسماء التى تتلمذت على يديه منهم:عبد الله جوهر، عزيز مصطفى، ماهر رائف، كمال أمين، عبد الحليم البرجينى، حسين الجبالى، وأحمد نوار. 

 تميز أيضًا فى الرسم بالحبر الشينى، وأجاد التعبير بالخطوط الحركية ورسم التفاصيل الصغيرة، مستهدفًا ابتعاث تجليات كامنة من خلال اهتمامه بالظل والنور، وكان ما يسعده هو رؤية أعماله فى الصحف والمجلات بعيدًا عن التقدير المادى.

نجيب محفوظ
 وحين باشر عمله فى رسوم قصص الأطفال، كان لا يخفى انحيازه المطلق لهذا التخصص، وتجلى ذلك فى مجلتى»الشباب»،و»على بابا»، ونافس المجلة الأولى فى رسوم الأطفال آنذاك وهى «مجلة السندباد» التى كان يرسم رسوماتها الفنان حسين بيكار.

 حفر اسمه بقوة خطوطه وبساطتها وألوانه المتوهجة التى عبرت عن الحياة الشعبية المصرية وعاداتها وأساطيرها التى أحبها الأطفال، حيث رسم موضوعات عن شهر رمضان، منها: الفتاة التى تحمل الفانوس، والمسحراتى، وفرحة قدوم العيد، وأبدع بريشته رسوم رواية نجيب محفوظ الشهيرة «أولاد حارتنا» التى نشرت فى عدة حلقات وصلت إلى 100 حلقة تقريبًا بجريدة الأهرام.

 أيضًا ذاع صيته فى اللوحات الزيتية، وتعد لوحة «السقا» الموجودة بمتحف الفن الحديث بكلية الفنون الجميلة- جامعة المنيا من أشهر أعماله، ولوحة «الدلالة» التى رسمها عام 1940 مجسدًا المرأة المصرية المتعاونة مع زوجها من خلال عملها بالمنزل، فقد كان خروجها للعمل غير وارد فى تلك الفترة.

مساجد مصر
 من أروع أعمال الحسين فوزى ما قدمه من رسوم لمساجد مصر ومآذنها إذ كان شغوفًا بها، رغم أن التكليف بهذا العمل جاء من خلال وزارة الأوقاف، وقد صدر هذا الإنجاز فى كتاب كبير من جزءين يعد مرجعًا تاريخيًّا هامًّا لمعالم مصر المتعددة بعد الكتاب الأشهر «وصف مصر» الذى رسمه الفنانون الفرنسيون بريشتهم أثناء الحملة الفرنسية عام 1798..  حصل الحسين فوزى على عدة جوائز وأوسمة طوال تاريخه أهمها: جائزة الدولة التشجيعية فى الجرافيك 1964، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى 1964، جائزة الدولة التقديرية عام 1989، الجائزة الأولى فى فن الجرافيك ببينالى الإسكندرية 1963، وله مقتنيات بعدة متاحف مثل: شيكاغو والكونجرس بالولايات المتحدة، والفن الحديث، والطبى بالقاهرة، ومتحف المنصورة.