إنها مصر

إذا ضاعت لن تعود !

كرم جبر
كرم جبر

الأمم التى لا تأخذ الدروس من الأحداث الدامية، تفقد معالم الطريق إلى المستقبل، والدرس الذى يجب ألا ننساه، هو أن مصر كانت على شفا الضياع بعد يناير 2011، وكُتب لها السلامة.


أعيدوا الشرائط والتسجيلات لميادين التحرير ورابعة والنهضة والطرق والكبارى و»اللهو الخفى» والحرائق وتدمير المنشآت العامة والخاصة واقتحام السجون وأقسام الشرطة ومختلف المحافظات.


كانت مصر «فرجة» لدول العالم، وتتسلى شعوبها صباحاً وفى المساء والسهرة على ما يحدث فى أراضيها من فوضى وشغب، وكان أشد المتفائلين يحدد سنوات طويلة حتى يعود الهدوء والاستقرار إلى الشارع وتعود مصر إلى المصريين.
كانت كرامة البلاد مستباحة، وتعبث فى أراضيها قوى أجنبية شريرة، تحاول أن تجعلها مستنقعاً لأجهزة المخابرات فى العالم، وكنا نعتصر ألماً حين نرى مؤامرات لكيانات أجنبية كبيرة وصغيرة تنتهك السيادة الوطنية، وتجند عملاء خارجيين ومحليين.
كانت مصر تتعاطى العنف والإرهاب والشغب والحرق والتدمير، وتتحكم فى مصيرها جماعة إرهابية قررت أن تحكم البلاد أو تحرقها، ولو حدث ما تعرضت له مصر فى أقوى الدول وأغناها لانهارت وضعفت.
لم تكن مصر غنية ولا قوية ولا مستقرة ولا آمنة، ولكنها كانت مثل عزيز قوم تكالب عليه اللئام وأضمروا له الشر، وتداعى على أحوالنا «اللى يسوى واللى ما يسواش»، ومنهم للأسف الشديد أشقاء وبعض المصريين كانوا يتآمرون ويشمتون.
وكانت البلاد على شفا حرب أهلية وقودها المصريون، ولو اشتعلت لأتت على الأخضر واليابس، وكانت الأرض مزروعة بكل أنواع القلق والتوتر والانفجار، وتنتظر فقط إعلان وفاة الدولة.


ووصلت المؤامرة ذروتها بحشد الإرهابيين فى سيناء، من كل المستنقعات القذرة فى العالم، ورفع رئيس الدولة الإخوانى شعار «الحفاظ على الخاطفين والمخطوفين»، فأضفى على الإرهاب شرعية رئاسية وحاولت جماعته إنشاء ميليشيات مسلحة تابعة لها وليس للدولة المصرية.


لماذا يغير الإخوان الدستور بإتاحة التنازل عن بعض الأراضى المصرية بموافقة مجلس النواب الإخوانى؟.. وتسربت الأسرار التى تشير إلى صفقات إخوانية للتفريط فى بعض الأراضى لصالح مشروعات إقليمية ودولية، فى مقابل السماح للإخوان بإحياء مشروع الخلافة.


ووصلت الخيانة ذروتها فى تسريب أسرار الجيش وتسليحه ومعداته وملابسه إلى مخابرات دول أخرى، وتضمنت أوراق محاكمات رموز الإخوان وثائق ومستندات مذهلة، خرجت من مكتب الرئيس الإخوانى، ولكنهم كانوا على يقين ـ رغم الخيانات ـ أن مصر ستظل مستعصية عليهم، طالما ظل جيشها قوياً ومتماسكاً.
وكانت لقمة العيش موضوعاً للسخرية والاستهزاء، وبرامج «توك شو» تستبيح الكبرياء وتتسلى بما تسميه شهداء الخبز وشهداء البوتجاز وغيرها، وقبل أن تنتهى أزمة تظهر أزمات فى كل اتجاه.
والدرس المستفاد هو: الانتباه لنفس سيناريوهات الهدم، لأن مصر إذا ضاعت - لا قدر الله - فلن تعود.