أصل الحكاية| تطور صناعة الزوارق والسفن عند المصريين القدماء

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

المصريون القدماء من أقدم الشعوب التي اهتمت بصناعة الزوارق والسفن في العالم القديم. حيث كانت هذه الصناعة متطورة للغاية وتلعب دورًا حيويًا في حياتهم اليومية والطقوسية. استخدمت الزوارق والسفن في العديد من الأغراض مثل النقل والصيد والحج إلى الأماكن المقدسة، وللمتعة والترفيه أيضًا.

لذلك شهدت في مصر القديمة صناعة السفن تطورًا كبيرًا عبر العصور، حيث بدأت بصناعة الزوارق الصغيرة من القصب والبردي، ثم تطورت إلى استخدام الأخشاب المحلية مثل السنط، وأخشاب مستوردة مثل الأرز. وقد كانت تقنيات البناء تتضمن ربط الألواح الخشبية باستخدام الأوتاد والخيوط، ما أعطى السفن المصرية مرونة وقوة في نفس الوقت.

وتنوعت أنواع المراكب وأحجامها حسب الغرض منها، فكانت هناك الزوارق الصغيرة والناقلات الكبرى، وكذلك المراكب الحربية والملكية، التي كانت تصنع في ورش متخصصة لصناعة السفن. اهتم المصريون أيضًا بوضع نماذج للمراكب الجنازية في مقابرهم، إذ كانوا يأملون أن تستخدمها الروح في رحيلها إلى العالم الآخر.

أغراض استخدام السفن

استخدم المصريون القدماء السفن لأغراض متنوعة. في النقل، كانت السفن وسيلة أساسية لنقل البضائع والأشخاص عبر نهر النيل، الذي كان شريان الحياة في مصر. في الصيد، كانت الزوارق الصغيرة تستخدم للوصول إلى مناطق الصيد في النهر والدلتا. أما في الحج إلى الأماكن المقدسة، فقد كانت السفن تُستخدم لنقل الحجاج إلى المواقع الدينية المهمة مثل أبيدوس.

السفن في الطقوس الجنائزية

كانت المراكب الجنائزية جزءًا هامًا من طقوس الدفن عند المصريين القدماء. فقد كانوا يعتقدون أن المراكب ستساعد الأرواح في رحلتها إلى الحياة الآخرة. وكانت هذه النماذج توضع في المقابر مع الأموات، وهي غالبًا ما تكون مزينة بنقوش وزخارف تعكس معتقداتهم الدينية.

مركب الملك أمنحتب الثاني

من أبرز الأمثلة على المراكب الجنائزية، نموذج مركب جنازي ملكي عثر عليه في مقبرة الملك أمنحتب الثاني (1427 – 1400 ق.م) من الأسرة الثامنة عشر، والتي تعود إلى الدولة الحديثة. يعكس هذا النموذج الدقة والاهتمام الكبيرين الذين كان يوليهما المصريون القدماء لهذه الصناعة، ومدى ارتباطها بحياتهم الدينية واليومية.

 وهذا النموذج ليس فقط قطعة فنية رائعة، ولكنه يعكس أيضًا التقاليد والمعتقدات المصرية القديمة بشأن الحياة بعد الموت. تم العثور على هذا النموذج ضمن مجموعة من الآثار التي توضح مدى التقدم الفني والهندسي في ذلك العصر.

تبرز صناعة الزوارق والسفن في مصر القديمة كأحد الإنجازات الحضارية الكبرى التي تعكس قدرة المصريين القدماء على الابتكار والتكيف مع البيئة المحيطة بهم. وقد لعبت هذه الصناعة دورًا محوريًا في تطور المجتمع المصري القديم، سواء من الناحية الاقتصادية أو الدينية أو الثقافية. تبقى المراكب الجنائزية، مثل تلك التي وجدت في مقبرة الملك أمنحتب الثاني، شاهدًا حيًا على هذا التراث العريق، ويعرض الآن في متحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط .