مصر والأردن تحشدان العالم لتوفير الدعم الإنسانى للفلسطينيين

ضغط دولى على إسرائيل لوقف «حرب التجويع»

جانب من المشاركين فى قمة البحر الميت لإغاثة أهالى غزة
جانب من المشاركين فى قمة البحر الميت لإغاثة أهالى غزة

دفعة دولية كبيرة تلقتها جهود الإغاثة الإنسانية لأهالى قطاع غزة بفضل قمة الاستجابة للأزمة الإنسانية فى غزة التى عقدت برئاسة مشتركة من الرئيس عبد الفتاح السيسى والعاهل الأردنى عبد الله الثانى والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش فى منطقة البحر الميت بالأردن.

القمة التى شهدت حضوراً على أعلى المستويات واهتماماً رسمياً وإعلامياً من أكثر من 90 دولة بحضور رؤساء دول وحكومات؛ مثلت نداء لضمير العالم لإنقاذ أكثر من 2.3 مليون فلسطينى يكابدون ويلات العدوان الإسرائيلى منذ نحو تسعة أشهر، الذى أسفر عن وقوف القطاع على شفا المجاعة وسط انهيار القطاع الصحى ومنع الاحتلال دخول المساعدات من المعابر البرية وعرقلة عمل المنظمات الإنسانية.

السبب الرئيسى للأزمة الإنسانية وهو الحرب كان ما ركز عليه البيان الختامى للقمة، حيث دعا إلى «إرساء وقف فورى ودائم لإطلاق النار يحظى بالاحترام الكامل، والإفراج الفورى وغير المشروط عن جميع الرهائن وجميع المدنيين المحتجزين بشكل غير قانوني»، فضلاً عن إنهاء العملية المستمرة فى رفح.
القمة التى حظت بحضور دولى رفيع المستوى اعتبرها مراقبون إدانة لانتهاك إسرائيل النظام الدولى وقرارات هيئات الأمم المتحدة ومنها محكمة العدل الدولية التى كانت قد أقرت تدابير مؤقتة لضمان نفاذ المساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية إلى الفلسطينيين، حيث شدد القادة المشاركون على ضرورة تنفيذ إسرائيل التدابير التى أمرت بها المحكمة، وضمان الاحترام الكامل للقانون الدولى والقانون الدولى الإنساني.

الجانب الأهم فى البيان الختامى للمؤتمر كان التشديد على ضرورة تيسير دخول المساعدات بكميات أكبر إلى القطاع الذى دمرته الحرب، وتسهيل الوصول الفورى والآمن ودون عوائق للمساعدات الإنسانية بالكمية والجودة المطلوبين، على نطاق واسع، إلى غزة وفى جميع أنحائها، وضمان الظروف اللازمة لعودة آمنة وكريمة للفلسطينيين المهجرين فى قطاع غزة.

كما كان المؤتمر رسالة دعم للأمم المتحدة ومنظماتها، خاصة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، بالدعوة إلى توفير الدعم اللازم والتمويل المستدام والشفاف وطويل الأجل لتمكين الوكالة من القيام بواجباتها، ومواصلة أنشطتها وخدماتها الأساسية والحيوية للشعب الفلسطينى فى غزة، وجميع مناطق عملها.

اقرأ أيضا| الأونروا: عدد شهداء أطفال غزة في 4 أشهر يفوق نظراءهم خلال 4 سنوات

الكارثة الإنسانية التى حلت بأهالى غزة كانت مصر قد حذرت منها منذ بداية العدوان الإسرائيلى فى أكتوبر الماضي، وهو ما أعاد الرئيس السيسى التأكيد عليه فى كلمته خلال افتتاح القمة، حيث أشار إلى أن القاهرة نبهت مبكراً إلى التداعيات الإنسانية للعملية الإسرائيلية فى رفح على تدفق المساعدات، كما دعا إلى تنفيذ قرارات مجلس الأمن بما فيها القرار الصادر الاثنين الماضى الداعى للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، بالإضافة إلى إلزام إسرائيل بإنهاء الحصار على القطاع وإزالة أى عراقيل أمام نفاذ المساعدات الإنسانية والتوقف عن استخدام سلاح التجويع ضد الفلسطينيين ودعم وكالة الأونروا، وتوفير الظروف اللازمة للعودة الفورية للنازحين الفلسطينيين فى القطاع إلى مناطق سكناهم.

حملت كلمة الرئيس السيسى تأكيداً على أن الحلول العسكرية ستؤدى إلى مزيد من الاضطراب فى الشرق الأوسط، مشدداً على ضرورة إقامة دولة فلسطينية «قابلة للحياة». وحمّل الرئيس إسرائيل مسئولية الأزمة الإنسانية غير المسبوقة التى يعيشها القطاع.

كذلك، أكد العاهل الأردنى على أنه لم يعد هناك مكان آمن فى قطاع غزة، داعياً المجتمع الدولى إلى التركيز على فتح الممرات البرية باعتبارها الأكثر فاعلية لإدخال المساعدات إلى غزة، نظراً للفارق الشاسع بين ما يتم إدخاله من مساعدات والاحتياجات الفعلية لأهالى القطاع.

وألقى الأمين العام للأمم المتحدة الضوء على الوضع الكارثى فى غزة، مشيراً إلى أن تدفق المساعدات الإنسانية انخفض بمقدار الثلثين، فيما تسببت الحرب فى معاناة مليون طفل فلسطينى من صدمات شديدة، وتضرر نحو 60% من المبانى وتدمير المؤسسات التعليمية والصحية. ودعا جوتيريش إلى حماية وكالة الأونروا مما أسماه «هجمات شائنة».

كما حمّل الرئيس الفلسطينى محمود عباس: مجلس الأمن والمجتمع الدولى مسئولية الضغط على إسرائيل، من أجل فتح جميع المعابر البرية، وتسليمها للحكومة الفلسطينية، مع مواصلة بذل الجهود لوقف إطلاق النار وانسحاب جميع القوات الإسرائيلية من قطاع غزة.

وفق تقديرات الأمم المتحدة يحتاج أهالى غزة إلى مساعدات عاجلة بقيمة 2.5 مليار دولار حتى نهاية العام الجاري، تشمل 930 مليون دولار للغذاء والتغذية، و400 مليون دولار للصحة والدواء، و700 مليون دولار للمأوى والصرف الصحي، حيث تحدث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية مارتن جريفيث عن ضرورة توفير 300 مليون دولار شهرياً للسلع الأساسية التى تدخل عن طريق مصر والأردن. وشهد المؤتمر إعلان وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن عن حزمة مساعدات جديدة للأراضى الفلسطينية بمقدار 400 مليون دولار، فيما أعلن رئيس الوزراء الإسبانى بيدرو سانشيز أن بلاده ستقدم 16 مليون يورو.

قمة البحر الميت التى استخدمت فيها مصر والأردن قدراتهما الدبلوماسية فى حشد المجتمع الدولي، كانت خطوة إضافية لتشديد الضغط الدولى على إسرائيل سعياً لإنقاذ المدنيين الفلسطينيين من ويلات الحرب، خاصة مع تزايد العزلة الدولية على تل أبيب التى ظهرت فى قرارات الاعتراف بالدولة الفلسطينية من عدة دول أوروبية، إلى جانب الإجراءات القانونية من محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية بحق إسرائيل.