انسحاب جانتس وآيزنكوت يحرض وزير الدفاع على الاستقالة

تراجع فرص وقف إطلاق النار مع تمسك نتنياهو باستمرار الحرب

بنى جانتس وجادى آيزنكوت ومشاورات حول المرحلة القادمة
بنى جانتس وجادى آيزنكوت ومشاورات حول المرحلة القادمة

استقالة عضوى حكومة الطوارئ الإسرائيلية بنى جانتس وجادى آيزنكوت، ضاعفت قتامة مشهد الداخل والخارج الإسرائيلى، ومزقت آمال وقف إطلاق النار فى قطاع غزة رغم قرار مجلس الأمن، وألقت بفرص صفقة تبادل الأسرى فى الهاوية، إذ عكست الاستقالة مدى تمسك نتنياهو بخيار استمرار القتال فى غزة والشمال الإسرائيلى، أملًا فى الوصول إلى ما يعرف بـ«الانتصار الكامل»، واستمرارية تماسك تحالفه مع صقرى «الصهيونية الدينية» بتسلئيل سيموتريتش وإيتمار بن جافير.

وإذا أصبح احتفاظ نتنياهو بالصقرين أولوية، فليس ثمة شك فى ارتباك الوضع، خاصة عند النظر إلى تبعات انسحاب جانتس وآيزنكوت، إذ يواجه نتنياهو صعوبة فى التفاوض مع الحكومات الأجنبية لاسيما الإدارة الأمريكية، ويصبح وزير الدفاع يوآف جالنت ورئيس أركانه هارتسى هاليفى وحيدين فى مواجهة حكومة لا تعرف المسئولية، حسب تعبير الكاتب الإسرائيلى ناحوم بارنيَع.

ويرى مراقبون فى تل أبيب أن نتنياهو خسر مكتسبات سياسية مؤكدة باعتراضه على وقف القتال فى غزة لمدة أربعة أشهر على الأقل، وإطلاق سراح جميع المختطفين، وفرص أخرى للتهدئة على الحدود اللبنانية، وخلق تحالف إقليمى ضد إيران بقيادة الولايات المتحدة، واستعادة علاقات إسرائيل الخارجية.
وبينما تواجه المؤسسة العسكرية الإسرائيلية خيارًا صفريًا، يفرض عليها مواصلة المهام المنوطة بها، إلا أنه لا يمكن تجاهل الشقوق التى بدت مرئية بوضوح فى صفوف قوات الاحتياط، فضلًا عن تواجدها بقوة بين صفوف القوات النظامية، وربما تتزايد الشقوق حال تجاوب وزير الدفاع مع دعوة جانتس المفتوحة بتقديم الاستقالة. وبينما يجدد نتنياهو بإملاءات اليمين عمر حكومته، يتجدد فى المقابل التمرد عليها داخل الجيش وخارجه، خاصة عند متابعة صرخات عائلات الرهائن فى الشوارع والميادين الإسرائيلية. 

اقرأ أيضا| أطفال غزة يصطفون في طوابير طويلة للحصول على لقيمات تسد رمق جوعهم

الكاتب الإسرائيلى موران شارير رأى فى سياق تعليقه على استقالة جانتس وآيزنكوت أنه دون وجود الأخيرين، فمن المستحيل الثقة فى قرارات حكومية على المسار الصحيح. وأضاف فى مقاله بصحيفة «هاآرتس»: «أدرك جانتس وآيزنكوت أنه لابد من الانسحاب لأن من يلعب مع خنزير لا يأمن النجاة من الوحل»!

ولن تجد إسرائيل خلاصًا من الأزمة التى آلت إليها بفعل سيطرة سيموتريتش وبن جافير على وعى نتنياهو سوى بالتجاوب مع دعوة جانتس وآيزنكوت إلى حتمية تشكيل حكومة وحدة واسعة النطاق، خاصة أنهما تعهدا بالانضمام إليها فورًا لإنقاذ إسرائيل من ورطتها؛ وأكدت مجلة «ذى ماركر» ضرورة الخطوة فى مقال للكاتب سامى بيرتس، قال فيه: «الوضع الراهن يتطلب قيادة إسرائيلية متوازنة وهادئة، تتمتع بقدرات سياسية عالية، واستيعاب عميق للمخاطر، وهو ما لا تملكه حكومة نتنياهو».

ويبدو أن نتنياهو فقد حتى حلفاءه فى الائتلاف؛ فوزير الأمن القومى إيتمار بن جافير شن هجومًا عليه، ووصف استبعاده من المشاورات الأمنية الأخيرة بـ«تصرف فاحش»، وأضاف: «لم يعد امام نتنياهو فرصة للاختباء خلف جانتس وآيزنكوت بعد الآن». وفيما وصف بـ«تجاهل تام لوجود نتنياهو»، حسب موقع «والَّا» العبري، قرر حليف رئيس الوزراء الإسرائيلي، وزير المالية بتسلئيل سيموتريتش تقليص 130 مليون شيكل من مخصصات السلطة الفلسطينية لدى إسرائيل، ومنحها لـ28 أسرة إسرائيلية وصفها بـ«عائلات ضحايا الحرب فى غزة». 

فى المقابل يصر سيموتريتش أيضًا على «دفع السلطة الفلسطينية إلى حافة الهاوية»، حسب تعبير صحيفة «يديعوت أحرونوت»؛ فبينما منحه نتنياهو صلاحيات واسعة النطاق فى الضفة الغربية، أقر الوزير ذاته إعادة تأهيل النقاط الاستيطانية فى الضفة الغربية وشرعنتها، بالإضافة إلى توسيع نطاق بناء مستوطنات جديدة، وفرض عقوبات مؤلمة على السلطة الفلسطينية. 

وفيما اعتبره الكاتب الإسرائيلى إلييشع بن كيمون صدامًا عنيفًا مع المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، عين سيموتريتش مستشارًا قانونيًا بصلاحيات كاملة نيابة عنه فى وزارة الدفاع، وخصص بقرارات أحادية وبمعزل عن نتنياهو 85 مليون شيكل لما وصفه بـ«دعم المنظومة الأمنية الإسرائيلية العاملة فى الضفة الغربية»، فضلًا عن 7 مليارات شيكل لشق طرق جديدة فى الضفة، وهى خطوة تنطوى على تأثير كبير على النمو السكانى خارج الخط الأخضر.